الطف.. غرسٌ تربويٌّ في وعي الشباب

ريبورتاج 2024/08/20
...

 بغداد: محمد إسماعيل

شرائح وفئات اجتماعية وأكاديمية انتظمت رهطاً، في حضرة الطف، تشف منها المعنى والقيمة والإيمان والموعظة الكبرى، وكلها تصب في انتهال الاستقامة في الحياة، من استشهاد الحق.. خالداً، بسيوف وحراب ونبال ورماح الباطل الـ... قوية لكنها متهافتة.. قاصرة عن البقاء والخلود التاريخي بينما الحسين الشهيد.. عليه السلام، مات ليحيي تاريخ الإيمان وتحيا معه أجيالٌ متلاحقة من الأمس الى الأبد.


أشارت المعلمة ليندا كاظم، الى أن: تعليم النشء قيمة وأهمية واقعة الطف 61 هـ ييسر علينا كتربويين كيفية تقويم سلوك الطفل واليافع والشاب، من خلال خلق تصور عن بطولة الموقف المبدئي وليس بطولة المشاكسة والمغامرات التي تلح على تكوين المراهق، بل نشعره ان الاقتداء بإيمان الحسين.. عليه السلام، وإقدامه على الموت وتعرض الإمام علي الأكبر بن الحسين: ما دمنا على حق، فلا يمهنا إنْ وقع الموت علينا قادماً إلينا في بيوتنا، أو نذهب نحن إليه، قائلة: نستوعب انفعالات الأطفال بتحويل طاقتهم الى البطولة الإيجابية كي لا تستنفدها بطولات السلب الزائفة.

وأكدت المدرسة زهراء علي: بدل بطولات السينما التي توجه البنات نحو الانقلات وتأسر الصبيان برؤى غير واقعية، نتخذ من الحسين.. عليه السلام، رمزاً إيمانياً يقف عند حدود العقيدة، بحيث كثيراً ما نصحت طلابي وطالباتي بقراءة الكتب الموجهة للفهم التلقائي عن معاني ثورة الحسين واشتمالات واقعة الطف، منوهة: لدينا رمز عظيم هو الحسين وأولاده وعائلته وصحبه المتفانون في الولاء لله والإيمان برسالة نبيه، التي جسدوها بتقبل الموت فداءً دون الحسين.. عليه السلام؛ كي لا يتخاذلوا عن شجاعة الفرسان مهزومين أمام الكثرة الغلبة.. إنما ماتوا ولاءً لله وإيماناً بكون الحاكم يجب أن يكون راعياًَ لشريعة الله وتعاليم الإسلام، فإن يقوم بالسيوف أو الاستشهاد أمام الله من دون تراجع.

وواصل المشرف التربوي جاسم العبودي: عرفنا الحسين "ع"، ونحن في ريعان الشباب، وتأملنا في واقعة الطف، بحيث وجدنا ما نعلمه لطلبتنا، ولسوف يظل الحسين، مغروساً في وعي الشباب.. تلاميذ ابتدائية وطلبة إعدادية وكليات.


اقتصاديون 

وأكد نائب المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية أحمد الهاشمي، لـ"الصباح": تتلاشى النظريات الاقتصادية على مر الأزمان، ومهما استطالت بها الدراسات الأكاديمية، عندما نعيد قراءة واقعة الطف بعين الحاضر، حينما يترفع الإمام الحسين، عن المغريات التي قدمت له، نظير مبايعة يزيد، مؤكداً: ولم يكتف أبو عبد الله بالزهد بالمغريات المعروضة عليه، إنما تصرف بمبدئية عابرة للوعي التقليدي، عندما تقحم الموت، استغنى عن الدنيا؛ لأجل الآخرة، فبلغ الموت مرتقياً بقوة تجعلني.. على الصعيدين.. العام والشخصي، أعرف ثمة حلماً كونياً، يبدأ من الدنيا وينتهي بالشهادة، أكبر من المال والعيال.

وأضاف المدير التنفيذي للرابطة العراقية للمصارف الإسلامية أحمد الربيعي: تبدأ تجربة الحسين من نشأته في كنف رسول الله العظيم، فقد عاش صلابة الرسول في مواجهة الحياة وقبل بالموت فانتصر، لافتاً: لم ترهبه جيوش يزيد وفرسانه المدججون بالعدة والعتاد والسلاح والخيل والرجال، قدر ما كان معتزاً بالموت بعده سبيلاً الى الجنة، لم يخف الرجال إنما خاف ربه في ألا يقول كلمة يخسر بها الآخرة، نظير دنيا زائلة، وبالمقبال عدوه لم يكسب الدنيا وهون يقدمها قربان شر لضمان ملك ومال وجوارٍ.

وأفاد المستشار في شركة كي كارد حاكم الشمري: يظل الحسين مناراً هادياً لقلقنا في لجة عصف الحياة بحساباتها التي تفوق البحر اضطراباً، منوهاً: مواجهة الحسين للسيوف بهدوء وصفاء نفس، قدوتنا في مواجهة شؤون حياتنا العملية باشتملااتها كافة، من خلال السلام الداخلي مع النفس.


قانونيون

وتابع القاضي منير حداد: سر نجاحنا في العمل المهني وظيفياً، وفي التعامل مع الحياة اجتماعياً، هو إخلاصنا في المواظبة على تنفيذ مفردات المنهج الحسيني، مثلما انفطر وعينا عليه وتشكلت عقليتنا الإسلامية المؤمنة بموجبه، مبيناً: وكلما مر الزمان تحولت واقعة الطف الى معنى وقيمة تزداد رسوخاً في تعاليم الإسلام وقوانين الدولة وأعراف المجتمع، حثاً على الشجاعة الإيمانية من دون تنغازل، مهما كانت وراء هذا التنازل من مغريات.

وأوضح المحامي تحسين العمشاني: اطلاع الشباب على عظمة الحسين، تبعث فيه طاقة إيجابية متطلعة الى ما هو نبيل وسامٍ، تجاوزاً عن صغائر الأمور التي تؤدي الى الجنح والجرائم والانهيارات الشخصية والاجتماعية التي تطيح بالرجل وتدمر أسرته، أما وضع الحسين نصب الأعين فمبعث نجاة للرجل وأسرته أمام الله والتاريخ. ذاكراً: كم حالة مرت في عملنا القانوني، وجدنا السبب في الانحراف غياب الهدف، فمن حمل قضية وتمثل أبعاد رسالة كبرى مثل واقعة الطف لن يزل عن سبيل الهدى.

وأكمل المحامي ياسر المحمداوي: كل عام يجدد المؤمنون البيعة للحسين لأنه رفض مبايعة يزيد، ملتزماً صف الحق برغم الرعب الرهيب الذي كان يشكله الباطل حينها، مرجحاً: طاب ثوار الطف مثوى في الجنة وتسامى من 

اقتداهم.