القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
الحريق ظاهرة طبيعية قبل ان تكون جريمة يعاقب عليها القانون حيث لازمت الانسان منذ بداية الخليقة و حياة البشر كونها ضرورية لحياة البشر فالاحتراق ظاهره كيميائية قد تكون سلبية تنجم عنها إضرار مادية أو معنوية و يؤدي إلى إتلاف الكثير من الأموال و قد تؤدي إلى إزهاق حياة الانسان أو الحيوانات في بعض الحالات بالرغم من الاستفادة من الحرائق في بعض الصناعات و التعدين في مجال المعادن و الذهب و الفضة و قد ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة حرق المزارع ومحاصيل الحنطة و الشعير والحريق في الدوائر الرسمية و المخازن و الأسواق الكبرى كسوق الشورجة وان الحرائق قد تحدث نتيجة العوامل الطبيعية كارتفاع درجات الحرارة و العواصف الرعدية تؤدي إلى حرائق في الغابات ولكن في بعض الحالات يكون الحريق متعمدا أو مفتعلا بسبب تصرفات بعض الناس قد تكون عمدية أو بسبب تماس كهربائي في أماكن مختلفة كالبيوت و المصانع و المحال التجارية نتيجة سوء التخزين أو نتيجة الجهل و الإهمال و عدم وجود التهوية و ارتفاع درجات الحرارة أو نتيجة رمي اعقاب السجائر أو إشعال النار بالقرب من المنشآت النفطية و ان مكافحة الحرائق هو من واجبات الدفاع المدني حيث نص قانون الدفاع المدني العراقي رقم (44 ) لسنة 2013 الذي صدر بغية تعزيز الإجراءات و التدابير الوقائية لجميع شرائح المجتمع و أثرها في تقليل احتمالات حصول الحوادث و تحجيم أثارها في حالة حدوثها و لغرض تنفيذ مراجع التدريب و تامين وسائل و مستلزمات و أجهزة التدخل و المعالجة في الحالات الطارئة و توسيع دائرة الجهد المنظم في دوائر الدولة و جميع القطاعات ضمن ضوابط قانونية ملزمه في إطار مهام واجبات الدفاع المدني و انسجامها مع هذا التطور و المخاطر المحتملة و الأصل ان جميع الجرائم قد تقع بشكل مباشر و لكن استثناء تقع الجريمة بشكل غير مباشر و عليه يعتبر الجاني في جريمة الحريق مسؤولا جزائيا حتى لو تضافرت أسباب أخرى و ان جريمة الحريق سواء كانت عمدية او غير عمدية أي بشكل خطأ توجب قيام الجاني بفعل فلا يمكن ان تقع هذه الجريمة بطريقة الامتناع او الترك و لا يعتد القانون العقابي في كثير من الحالات بكيفية قيام الجاني بفعل الحريق أي لا يشترط طرق محددة و ذلك لاختلاف الطرق و الوسائل في احداث
الحريق.
فقد يكون بالقاء مادة حارقة او كبريت مشتعل او سيكارة مشتعلة او بتسليط تيار كهربائي ويمكن القول بان الحريق يقع باي مادة يمكن من شانها الاشتعال كما ان المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل قد نص في المادة 360 منه على ان ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين و بغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين من عطل عمدا باية صورة من الصور او اخفى او غير مكان أي جهاز او اله او غير ذلك مما هو معد لاطفاء الحرائق . . . ) و ان المشرع العراقي قد عاقب على جريمة الحريق العمدي في المادة (342 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والتي نصت على :1. يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل من اشعل نارا عمدا في مال منقول او غير منقول و لو كان مملوكا له اذا كان من شان ذلك تعريض حياة الناس او أموالهم للخطر . 2 . و تكون العقوبة السجن المؤبد او المؤقت اذا كان اشعال النار في احدى المحال التالية : أ . مصنع او مستودع للدخائر او الأسلحة او ملحقاته او في مخزن عسكري او معدات عسكريه . ب. منجم او بئر للنفط ج . مستودع للوقود او المواد القابلة للالتهاب او المفرقعات . د . محطة للقوة الكهربائية او المائية او الذرية . ه . محطة للسكك الحديد او ماكنة قطار او في عربة فيها شخص او في عربة من ضمن قطار فيه اشخاص او في مطار او في حوض للسفن او في سفينة . و. مبنى مسكون او محل اهل بجماعة من الناس . ز . مبنى مشغول من دائرة رسمية او شبة رسمية او مؤسسة عامة او ذات نفع عام . 3 . وتكون العقوبة السجن المؤبد اذا كان الغرض من الجريمة تيسير ارتكاب جناية او جنحة او طمس اثارها او اذا عطل الفاعل الات الإطفاء او وسائلة او افضى الحريق الى عاهة مستديمة او كان اشعال النار باستعمال مفرقعات او متفجرات . 4 . و تكون العقوبة الإعدام او السجن المؤبد اذا افضى الحريق الى موت انسان و نجد ان المشرع العراقي لم يستعمل مصطلحا واحدا في كل من أنواع الحريق فهو يستخدم ( كل من اشعل النار عمدا) عند قيام جريمة الحريق العمد و لكنه لم يستخدم نفس المصطلح عند بيانه لاحكام جريمة الحريق الخطا فقد نص على انه ( كل من تسبب بخطئه في احداث الحريق ... ) و ان القصد الجنائي في جريمة الحريق العمدي هو قصد خاص لدى الفاعل باعتبار ان جريمة الحريق عمدا من جرائم الخطر العام و تحميل الفاعل كافة النتائج التي يترتب عليها فعله الجرمي المتوقعة و غير المتوقعة وفي قانون العقوبات العراقي يسال الجاني بعقوبة مشددة في الجرائم ذات الخطر العام.
و قد تصل العقوبة إلى الإعدام في حالة موت الانسان كما جاء في المادة 342 / رابعا من قانون العقوبات حيث يعاقب عن موت الانسان و ان لم يكن يتوقع حدوث الموت و أشار المشرع العراقي إلى نوعين من الظروف المشددة في جريمة الحريق عمدا و علة التشديد ترجع إلى بعض الأمكنة مثل المصانع والمطارات و محطات السكك الحديدية و دوائر الدولة و التشديد الراجع إلى اتخاذ جريمة الحريق وسيلة لارتكاب جريمة أخرى أو طمس أثارها و التشديد الراجع إلى الوسيلة أي استعمال وسائل أخرى لارتكاب الجريمة مثل استعمال المفرقعات أو المتفجرات أو التشديد الراجع إلى النتيجة أو تعطيل المرفق العام و ان المشرع العراقي لم ينص على تخفيف العقوبة في جرائم الحريق و مع ازدياد جرائم الحريق عمدا فمن الضروري تعديل قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل و تشديد العقوبة في حالة استهداف المزارع ذلك لان ذلك الحريق يستهدف الاقتصاد الوطني و اعتبارها من جرائم التخريب الاقتصادي و كذلك الحال بالنسبة لحرق المحال التجارية والأسواق فلابد من تشديد العقوبة و تعديل نص المادة 342 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالنسبة لحرق دوائر الدولة و التعمق بالتحقيق في جرائم الحريق من قبل السلطات الأمنية و عدم اعتبارها نتيجة تماس كهربائي أو قضاء أو قدر لكونها تكلف الدولة مبالغ كبيرة و ان العقوبة المنصوص عليها في المادة (342 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.