نافع الناجي
منذ سنوات عديدة، عرف العالم تقنية السيارات الهجينة (هايبرد) ذات المحركين، اللذين يعمل أحدهما بالكهرباء والثاني بالوقود التقليدي، لكن هذه التقنية الثورية لم تصل لمنطقتنا إلا منذ فترة وجيزة، لتكتسب شعبية كبيرة، لا سيما في الخليج والأردن، ثم وصلت العراق لتقوم الحكومة بتسهيلات كبيرة لنشر هذه الثقافة الصديقة للبيئة وبغية تقليل الاعتماد على البنزين وما يسببه من تلوث بيئي.
تاريخ الهايبرد
شهدت السوق العراقية منذ العام 2020، دخول قطع عديدة من السيارات العاملة بهذه التقنية التي تنتجها كبريات الشركات العالمية مثل تويوتا وفورد، بحسب ما ذكره الخبير في الطاقة النظيفة غسان كريم، ويقول: "هي موجودة كتقنية منذ سنوات، حين ابتكرت تويوتا نموذجاً لسيارة تدعى (بريوس) في العام1991، مزودة بمحركين تقليدي يعمل بالبنزين وكهربائي يشحن من (نضيدة) ليثيوم، ويعمل المحركان بالتناوب لتقديم القوة الحصانية اللازمة".
وأضاف "ينبغي التمييز بين سيارات الهايبرد والكهربائية بالكامل، فالأخيرة لا وجود فيها لمحرك تقليدي، بل تعتمد على شحن بطارياتها بالكهرباء مثل الماركة المشهورة تيسلا، ومنتجات العملاق الصيني BYD".
تشجيعٌ حكومي
ويضيف كريم: "مع تزايد شدة الاحتباس الحراري وتشخيص بعض أسبابه من مؤثرات وانبعاثات، شجعت الكثير من الحكومات ومنها حكومة بلادنا على استيراد الأنواع الهجينة والكهربائية من السيارات والتي تطابق المعايير البيئية وتقلل من استهلاك الوقود وتخفض منبعثات العوادم".
ولفت إلى قيام الحكومة بإعفاء مستوردي هذه السيارات من الضريبة الجمركية وتخفيض رسوم اللوحات المرورية، ودعا الخبير كريم، الحكومة إلى السعي لتصنيع هذا النوع من السيارات وطنياً عبر ابرام اتفاقات مع شركات عالمية رصينة، أسوة بما فعلته تركيا والسعودية، وعدم الاعتماد على الاستيراد وهدر الأموال الصعبة، لامتلاك العراق الموارد والطاقات البشرية اللازمة للتصنيع".
تخوّفٌ وارتباك
بالرغم من شيوع سيارات الهايبرد في السوق المحلية وشوارع البلد، وقيام شركات كبيرة باستيرادها بشكلٍ مخصوص للسوق العراقية، فلا يزال بعض المواطنين متخوفين من خطوة الإقدام على شراء سيارة كهربائية أو هجينة لعدة أسباب.
عمر ستار، يقول :"عند أول دخولها للعراق، كانت الرغبة قليلة باقتناء هذا النوع من السيارات، لكونها لا تزال مجهولة وغامضة، ربما بسبب عدم وجود تثقيف حولها أو توفر قطع غيارها وعدم وجود ورش صيانة متخصصة فيها".
ويضيف "سوقنا المحلية يحكمها شعار (يا شرّاي اسمك بيّاع)، بمعنى أن المواطن يجب أن يشتري سيارة ذات اعتمادية وسريعة البيع ولا (تنام على قلبه)، لذلك لدينا السيارات الكورية واليابانية التقليدية أسرع في البيع والشراء والاقتناء من السيارات الأميركية والألمانية".
وبالرغم من مشاطرته لرأي زميله، يعتقد عباس لطيف أن "الخبرات التقنية أصبحت في المتناول الآن في معرفة أسرار تقنية الهايبرد بسبب ثورة الاتصالات والمعلومات، كما أن ورش الصيانة انتشرت وقطع الغيار يتم جلبها من الخارج كل يوم، وحتى بطاريات الليثيوم متوفرة، ولم تعد هناك مشكلات بهذا الخصوص".
طلبٌ مرتفعٌ وإقبالٌ عالٍ
عمار العزاوي، صاحب معرض سيارات يقول "هنالك طلب عالٍ جداً على شراء سيارات الهايبرد، فالناس جربتها وأعجبت بتقنياتها وأيضاً بسبب ما توفره من اقتصاد في الاستهلاك وراحة في الاستخدام وتكييف ممتاز".
لكن مع كل ذلك، يعتقد العزاوي ضرورة أن يتم استيراد تلك السيارات من قبل الوكالات المعتمدة، مثل تجربة شركة (ساز) في أربيل أو حتى شركات القطاع العام، بغية توفير ضمانات وخدمات ما بعد البيع التي يطلبها الزبون ولبثّ الطمأنينة في نفسه"، حسب تعبيره.
وزاد، أن البداية مع هذه السيارات كانت من خلال مكاتب المزادات التي تجلب الوارد الأميركي المستخدم، ثم تاكسي الخليج من دبي وغيرها، لكن الطلب الآن أصبح مرتفعاً كما أسلفت والناس تريد سيارات جديدة (زيرو)، بالرغم من أنه حتى الآن هناك فئة من الناس ما زال عندهم التخوّف القديم من سيارات الهايبرد، والمشكلات التقنية التي من الممكن حصولها واعتقادهم أنها لن تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في العراق.
سيارات معمّرة
الفني علي هايبرد، هكذا يسمونه بسبب تخصصه في هذا النوع من السيارات بعد تلقيه دروساً وتدريبات في الأردن التي انتشرت فيه سيارات الهايبرد، يقول "رغم الأجواء المتطرفة عندنا، فيمكنني القول إنها سيارات ناجحة ومصنّعة لتحمّل هذه الأجواء ومحسوبة علمياً بأنظمة تبريد ذكية للبطاريات ومنظومة الهايبرد"، وأضاف "يمكن لهذه السيارات أن تعمّر في العراق، بشرط الاهتمام بالصيانة والمحافظة عليها، فالبطاريات يكون بها نظام تبريد تسحب الهواء من داخل المقصورة، وهناك فلاتر مشابهة لفلتر (السبلت) المنزلي، ويجب تنظيفها بانتظام لإطالة عمر البطارية مع باقي الخدمات الدوريّة".
وبخصوص تغيير الزيت فهو ضعف المسافة التي تقطعها السيارة العادية، لكن زيت سيارات الهايبرد يختلف وبدرجات خاصة بكل سيارة، وكذلك سائل تبريد المحرك و(الانفيرتر)، لابد من العناية بهما لتحقيق أفضل أداء.
فروقات ومشتركات
وبشأن الاختلافات بين سيارات الهايبرد والتقليدية، يقول تحسين كاظم "الهايبرد سيارة اقتصادية واعتمادية، فمثلاً كورولا عادية تعمل بمحرك البنزين، ممكن أن تقطع بـ (تفويلة الخزان) 400 كم، بينما السيارة نفسها (الهايبرد) بحجم المحرك نفسه و(التفويلة) نفسها يمكن أن تصل إلى ألف كم"، ويضيف "الاقتصاد بالبنزين يتم خلال السرعات المتوسطة وداخل المدن والتي لا تتجاوز غالباً سرعة 60 كم، لأنها تشتغل على المحرك الكهربائي فيقل استهلاك البنزين، أما عند التعجيل والتسارع في الطرق السريعة، فلا تكون هناك اختلافات كبيرة في استهلاك الوقود بين النوعين".
وكذلك تختلف كفاءة السيارات في نظام التكييف الذي يمتاز بالجودة في النظام الهجين، ولا يتأثر بزحامات الشوارع، لأنه مرتبط ببطارية الليثيوم وليس بمحرك السيارة عبر (قايش) كما في السيارات العادية (التقليدية) التي يتأثر تكييفها حسب جهد المحرك وحرارته.