هناء العبودي
كتبت الدكتورة فاتن منصور محمد الغانمي في كتابها "الآلهة والبشر والحيوان صراع الخير والشر.." عن الاختام وجوانب كثيرة من حضارة بلاد الرافدين كالجانب الديني الذي يمثل تصوير الآلهة على الأختام وتقديم القرابين، أو تقديم الشخصيات لها، فضلاً عن المعاملات التجاريَّة الأخرى، وكذلك التوثيق
القانوني.
وقد استخدم الختم من الناحية الاجتماعيَّة في تمثيل ملكيَّة الفرد الشخصيَّة ومقتنياته، إذ يمثل أحد أهم المقتنيات الشخصيَّة، وعندما يتعرض الفرد للسرقة عليه أنْ يعلنَ عن ضياع ختمه حتى لا يستغل من قبل شخصٍ آخر.
أما من الناحية الفنيَّة، فتبرز أهميَّة الختم في توضيح معالم العصر الذي شهد مثل هذه الأختام التي صورت عليها الآلهة ورموزها، كما أعطت صورة واضحة عن الحيوانات والبريَّة والطيور، كذلك الحيوانات المركبة "الاسطوريَّة"، كما تبين طرز تنفيذ كلٍ من هذه الشخصيات، إذ كانت بصورة تجريديَّة تعبِّرُ عنها خطوطٌ عموديَّة وأفقيَّة وتطورت إلى نحتٍ بارزٍ يبرز التفاصيل المهمة والدقيقة مثل ملابس الآلهة وتمييزها عن بقية الشخصيات العاديَّة، وأغطية الرأس التي كانوا يعتمرونها، وكذلك الأحزمة والأسلحة، كما يلاحظ التركيز على إبراز قوة الحيوانات وظهورها بوضعيَّة الوقوف على أرجلها الخلفيَّة، وهذه الحركة خيرُ دليلٍ على مدى تطور التصور الذهني للفنان في جميع عصور بلاد
الرافدين.
والختم عبارة عن قطعة صغيرة من حجر وفخار وعظم عاج أو معدنٍ حفرت عليها نقوشٌ وزخارف ومشاهد مختلفة وكتابات خاصّة تدلُّ على صاحب الختم ومهنته
ومعتقده.
الأختام بنوعيها المنبسطة والاسطوانيَّة ذات أشكالٍ هندسيَّة دائريَّة وقرصيَّة بيضاويَّة أو مستطيلة أو قد تكون على شكل خرزة اسطوانيَّة الشكل تصنع من مختلف الأحجار الكريمة والمعادن والفخار
والعظم. وتكون مثقوبة من الوسط طولياً، ربما يعلق بخيطٍ في الرقبة أو المعصم للمحافظة عليه من الضياع، وهناك نوعٌ ثالثٌ يجمع بين هذين النوعين، بحسب ما يسميه الباحثون الأختام الاسطوانيَّة
المنبسطة.
ويتناول الفصل الأول (مشاهد الصراع الاسطوري) من الكتاب، أما الثاني فـ"مشاهد صراعات البشر"، والفصل الثالث والأخير "مشاهد صراعات الحيوانات".
وضمت اختام بلاد الرافدين الكثير من العناصر الفنيَّة المتنوعة لصور الآلهة والبشر والحيوانات، سواء كانت هندسيَّة أو رمزيَّة أو زخرفيَّة، فضلاً عن الكتابة التي عثرت على الأختام في المراحل التاريخيَّة، وكذلك تلك التي جعلوا لها رموزاً اقترنت بأسمائهم وجاء تصويرها بسبب أهميتها في حياة الإنسان ومعتقداته الدينيَّة. وأكثر الحيوانات التي صورتها الأختام هو "الأسد، والغزال والثعبان، والعقرب، والماعز، والثور"، علاوة على الحيوانات المركبة والاسطوريَّة التي يمثل كلٌ منها صيغة وصورة لختمٍ
معينٍ.
يقع الكتاب في (215) صفحة من القطع
الكبير.