معضلة الدولار سريلانكا أنموذجاً

اقتصادية 2024/09/04
...

ياسر المتولي

تشترك العديد من البلدان أو بالأحرى الدول ذات الاقتصادات الناشئة أو الصاعدة بظاهرة أو سمة تذبذب أسعار صرف الدولار وما إلى ذلك من تأثير في اقتصاداتها وتعرّضها للأزمات المالية والاقتصادية بشكل دوري.
وبطبيعة الحال فإنَّ حجم ومدى تأثير تذبذب أسعار الصرف هو أمر مختلف من دولة إلى أخرى، وذلك تبعاً لمتانة اقتصادها، فتكون نسبة التأثير في البلدان الريعية التي تعتمد النفط مصدراً رئيساً لمواردها بشكل أقل نسبياً وتعتمد نظاماً ثابتاً للصرف سواء بعملة دولية كالدولار أو الربط بسلة عملات، ما لم تنخفض أسعار النفط، فهنا قد تتعادل الدول بالتأثير وقد تكون أحياناً لصالح الدول غير النفطية، تبعاً لتأثر موازين مدفوعاتها.
فالمؤشر الرئيس لحجم التأثير هو نسبة التضخم الحاصل في بلد ما، وقد يستغرب البعض من أنَّ انخفاض أسعار النفط قد يكون لصالح الدول غير الريعية التي تعتمد على حجم صادراتها من منتجاتها المحلية الأخرى.
وهنا أسوق مثالاً على هذه الظاهرة، فعند ارتفاع أسعار النفط فإنَّ الاقتصاد التركي يتأثر بذلك نظراً لتأثير ذلك في كلف الإنتاج مما يؤدي إلى غياب بعض المنتجات من جهة، ومن جهة أخرى نجد أنه خلال نشوب الحرب الروسية الأوكرانية وفرض الحصار على روسيا اضطرت روسيا إلى تخفيض أسعار النفط للمنافسة والحصول على إيرادات فكانت تركيا من بين الدول التي يورّد لها النفط الروسي إضافة إلى الصين وغيرها، فحصل انتعاش في الاقتصاد التركي في حينها والذي أدى إلى خفض كلف الإنتاج التركي للسلع.
وعوداً على ذي بدء على موضوع مشكلة الدولار والتذبذب بأسعار صرفه وذلك لارتباط عملية سعر صرف تلك الدول بالدولار ما جعلها تعاني من وجود أكثر من سعر صرف خارج منظومة تسعيرة الدولة.
وهنا ينصح عدد من خبراء الاقتصاد بضرورة تغيير نظام الصرف ومحاولة إيجاد أسعار صرف لسلة العملات (أي لكل عملة أجنبية في مكونات السلة وبوزن نسبي محدد حسب المناطق التجارية التي يرتبط بها البلد خارجياً) ذلك للتخلص أو للتخفيف من الأسعار الموازية والوصول بها إلى حالة توازن مع السعر الرسمي للصرف.
هذه الحلول دفعت بمجموعة بريكس لمحاولات التخلص من هيمنة الدولار على تمويل التجارة العالمية وهي مستمرة بهذا المشروع.
وقد حققت نتائج بسيطة من التعاون ولاسيما في مجال تسوية المدفوعات النقدية من خلال عملاتها ومن المؤمل أن تستطيع كسر احتكار الدولار على المدى البعيد.
هناك تجربة سريلانكا كيف استطاعت السيطرة على سعر الصرف؟
لقد حدّدت سريلانكا التعامل بالدولار حصراً بالبنوك ومنعت استعماله وحتى حمله باعتباره مخالفة قانونية للدولار غير معلوم المصدر يحاسب عليها القانون أي بسياسة نقدية متشددة ضد (الدولرة)، إذ استطاعت تلك البلاد من خلالها تحقيق استقرار سعر الصرف وإبعاده عن مشكلات الدولرة وتعامل الاقتصاد الداخلي بعملتين إحداهما تابعة لنظام نقدي أجنبي.
فيما عدا ذلك فإنَّ بعض الدول تحاول تحقيق التوازن بين السعر الرسمي والموازي عبر عملية تنظيم الاستيراد، ومنع دخول العديد من السلع غير ذات المساس بقوت المواطن وتأجيل الرغبات الشخصية، مثل منع استيراد السيارات والكماليات إلى حين من الوقت، وهذا ما تسمح به قوانين منظمة التجارة العالمية أي التأجيل لاستيراد بعض السلع لمعالجة وضع البلد الاقتصادي.
الخلاصة أنَّ موضوع تذبذب أسعار سعر صرف العملات ظاهرة عالمية لم تنحصر ببلد معين، والجميع يحاول معالجتها بطريقته الخاصة.