لماذا يدمن البعض على قراءة {التاروت} والفنجان؟

منصة 2024/09/08
...

 بغداد : نوارة محمد
قراءة "التاروت" والفنجان وأبراج الحظ ظاهرة تلاقي رواجا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، وتشغل كثُر في ملاحقتها والبحث
عنها. إذ تنال العَرافة في وجهها الجديد استحسان شريحة كبيرة من المجتمعات العربية، حتى أنها تّعد سوقا لملايين المستهلكين، ومصدر رزق يعتمد عليه الآلاف من قراء "التاروت" والمنجمين.. كيف تحول هذا النوع من العرافة إلى هاجس يسيطر على كثيرين وممارسة إدمانية تؤثر في تشكيل حيواتهم؟
وتقول إيناس فيليب: لن يستطع الإنسان في هذا القرن من النجاة بقيمته الإنسانية من لعبة الماورائيات والإيمان بالغيبيات، التي يطرحها المنجمين، وبقيت حياته مادة لكسب رزق أو الحصول على متابعين بأرقام قياسية. إذ سرعان ما ذاع صيتُ هؤلاء العرَّافين والمنجمين ممن لقوا صدى واسعا ونالوا
شهرتهم عِبر ما يطرحونه في مواقعهم في اسلوب متمرس في قراءة أوراق "التاروت" وحل رموز الفنجان، صُرنا في مواجهة مع جيل كامل يّعدهم مرجعا لسير خطواتهم
الحياتية.  
وتتابع فيليب أن "هذه الظاهرة التي أتاحتها منصات التواصل الاجتماعي استشرت في السنوات الأخيرة، واللجوء اليها تعكس حالة العقل الجمعي الذي يسيطر على افراد
المجتمع".
من جهتها، تتساءل الناشطة نور علي: هل تمكن تراكم الوعي الإنساني والقانوني والفكري لقرون سابقة - مع كل مؤسسات المجتمع المدني محليا و إقليميا وعالميا – من النأي بسكان الكوكب بعيدا عن تسويق الوهم وتصديره إلى الناس بوصفه
واقعاً!
وتعتقد أن الجواب هو لا، فنحن وصلنا إلى القرن الحادي والعشرين، ولا تزال هذه الافكار تُدير شؤون كثيرين، لاسيما ان تطبيقات التنجيم تشهد نقلة نوعية تزامنا مع الذكاء الاصطناعي تعمل جميعها على خلخلة الوعي الثقافي لدى شعوب العالم، إما بتسويق الوهم ككشف المصير المستقبلي، من خلال أوراق التاروت أو معرفة المجهول عبر فتح الخريطة الفلكية، أو بخلق فزّاعاتٍ اقتصادية وثقافية.
وأصبحت هيفاء علي متابعة لقارئات "التاروت" ومما يشبه ذلك المحتوى على تطبيق "يوتيوب"، وهي لا تخطو خطوة واحدة في حياتها قبل أن تتأكد من نصائح الفلك لها، وقبل أن تتأكد أن طالع بُرجها في أيامها الأكثر حظاً، وهي أيضا واحدة ممن لا يضيعن فرصة الحصول على قراءات خاصة على
الـ"فيسبوك".
تعزي سبب ذلك بقولها: وجّدت كل ما تقوله قارئة "التاروت" والفنجان على حسب انتمائي للبرج هو واقعي، وما تتنبأ
قارئة التاروت يحدث فعلا، حتى أن أحداثاً كثيرة وقعت كنت أظن انها مجرد أحاديث لا أساس لها من الِحة،
أنا أحاول أن لا أذهب لمراجعة طبيب، أو إجراء مكالمة هاتفية مهمة، أو التقديم على وظيفة عمل جديدة، ما لم استمع لقارئات "التاروت"، وما إذا كان سيصحب في مصلحتي الشخصية أم لا.  
وتبذل أسيل عمران الكثير من المال بدافع الحصول على قراءات خاصة: منذ أن شعرت إن بعضا من قراءاتهن انطبقت على واقع حالي أدركت أنها لم تكن صدفة، فالأمر ليس كما يقول البعض خُرافات، أنا أومن برسائل الملائكة لي وأؤمن بطاقة الأرواح، وسرعان ما وصفت قارئة "التاروت" ما يدور
في حياتي العاطفية بالحرف الواحد، كما لو إنها تجسد قصتي، وتنبئت بما سيحدث وحّدث فعلاً، بدأت أبذل جهوداً أكبر بهدف التواصل معها على مواقعها الشخصية، ودفع المال للحصول على قراءة
خاصة بي.
الاخصائية النفسية والمهتمة في علم النفس الدكتورة ألهام الشطري تؤكد أن "ما يحدث يعود لأسباب كثيرة ودوافع نفسية، فثمة إيمان مازال نَشِطاً بالعلوم المزيفة
والخرافة.
وعلى الرغم من تطور الواقع المبني على أسس منطقية، تظهر احصاءات عودة العلوم المزيفة إلى الواجهة، ويشكل العام 2018 بداية الطفرة في إنتاج تطبيقات تُقدم خدمات تنجيمية عبر الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استشراء العلاقات غير الصحية والمشكلات الأسرية والنفسية، وغياب سبل الدعم الذاتي والمجتمعي في
المجتمعات العربية، يلجأ كثيرون إلى التعلق بالأمل وتعزيز الشعور بالراحة المؤقتة، التي تمحنها أياهم أوراق التاروت
والأبراج".