بحوثٌ جامعيَّة يأكلها الغبار على الرفوف

ريبورتاج 2019/06/18
...

بغداد / رلى واثق
الدراسات العليا اصبحت حلم جميع الطلبة  لما لها من تأثير ايجابي في تعزيز  مكانة الانسان وكذلك بالنفع الذي تقدمه للبلد سواء بالمشاريع والاختراعات العلمية او بمواصلة مسيرة التدريس وتقديم العون للطلبة الجدد، الا ان هناك مشاكل كثيرة تحيط بهذا الامل لخصتها طالبة الدكتوراه شيرين محمد بقولها: “اول مشكلة تواجه طالب الماجستير او الدكتوراه تتمثل باختيار الموضوع، اذ لابد ان يكون غير مطروق مسبقا ويتناول مشكلة معينة وايجاد الحلول لها خلال فصول الرسالة، وفيما بعد تبدأ رحلة البحث عن المصادر وتعد اعقد الخطوات للطالب فهناك مصادر مطبوعة تتطلب جهدا بدنيا للبحث عنها بالاضافة الى قلة المترجم منها”.
 
وتضيف: “هناك عائق آخر يقف في وجه الطالب يتمثل بالاستاذ المشرف على البحث والذي غالبا لا يعين الطالب في بحثه بل يكتفي بألقاء اللوم على الطالب واجباره على اعادة الكتابة مرة اخرى دون نقاش، فغالبا مايعاني الطالب قسوة الاستاذ المشرف، لاسيما خلال السنة التحضيرية وليست هناك رقابة على سلوكه مع الطلبة، ناهيك عن مشكلة الوقت فالطالب محصور بمدة قصيرة لانجاز بحثه تتراوح بين 10 أشهر وسنة للماجستير وعامين للدكتوراه”.
واختتمت محمد حديثها متأسفة:
“مع هذا الجهد الكبير المبذول من الطالب والاستاذ والنفقات الكثيرة ترص البحوث بمكتبات الكلية، ولايتم اعتمادها كأحد الوسائل التي تستعين بها الدولة في التطوير والترجمة او الاختراعات وغيرها”.
مراحل الاطروحة
مديرة قسم العلاقات العامة والاعلام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتورة ضمياء الربيعي بينت:
“طلبة الماجستير او الدكتوراه يسلمون نسخة من اطاريحهم الى جهاز الاشراف والتقويم العلمي في الوزارة لغرض فحصها وتدقيقها واجازتها، وفي حال احتوت تجارب عملية وميدانية فسيتم الاستفادة منها، ويتم التواصل مع الطالب او الباحث للافادة من خبرته وتوظيفه في المراكز البحثية التابعة للوزارة لتطبيق النماذج والتجارب التي يطرحها في اطروحته لاسيما اطاريح الدكتوراه”.
 
وتضيف الربيعي:
“ان وزارة التعليم تهتم بتوجيه الجامعات وتشكيلاتها التي توجد فيها دراسات عليا، بأن يكون عنوان الاطروحة وموضوعها حديث ويواكب ما موجود من تطور في العالم، وان تكون فيها اضافة علمية، مبنية على دراسات سابقة سواء في الماجستير الذي يعد بحثاً اولياً قياسا لبحث الدكتوراه الذي يجب ان يكون اكثر تطورا ويضيف فيه الباحث تجربة علمية وميدانية يمكن ان يستفيد منها المجتمع وتطبيقه ميدانياً للمجتمع العراقي او العربي”.
ونبهت الربيعي:
“الاطاريح الخاصة بالتخصصات العلمية النادرة يجب ان تمر بمختبرات لفحصها واجازتها للتأكيد على ان ما تقدمه هي تجارب علمية ناجحة، وتضم وزارة العلوم والتكنولوجيا المدمجة مع وزارة التعليم الكثير من المختبرات التي تتعلق بتجربة ما جاء في اطاريح التخصصات العلمية، وتقييم مدى الاستفادة منها، ومنح براءة اختراع للاكتشاف الجديد ولا يمكن اهمالها، وهنالك المئات من تلك البراءات التي نتجت عن اطاريح علمية جديدة من الدكتوراه، لكن للاسف لايتم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الاعلام”.
واكدت خلال حديثها:
“ان وزارة التعليم العالي لم تفتتح حتى الان اية دراسات عليا في الكليات الاهلية، لكنها فسحت المجال لخريجي تلك الكليات لمنافسة اقرانهم في الدراسات العليا بالجامعات الحكومية”.
 
اهمال علمي
من جانبه شكا رئيس تجمع كفاءات بغداد لحملة الشهادات العليا الدكتور سعد الساعدي من اهمال الاطاريح التي تقدم الى وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي عازيا ذلك الى:
“عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومجيء بعض الاشخاص الذين لايعلمون بأهمية الاطاريح والرسائل واثرها في النهوض بالبلد والمجتمع، ما ادى الى عدم الاستفادة من البحوث وما جاء فيها من معلومات او التعامل مع هؤلاء الباحثين والاطاريح وفق المحسوبية والمنسوبية، مبيناً عدم وجود اي استراتيجيات او خطط مستقبلية للاستفادة من الاطاريح عكس ما معمول به في الدول المتقدمة التي تستفيد من علمائها وباحثيها ووضعهم في الاماكن التي تناسب اختصاصاتهم”.
 
واستطرد الساعدي:
“اغلب الاطاريح لا يستفاد منها وتبقى مهملة على رفوف الوزارات، مؤكداً ان بعضهم يقدم تلك الاطاريح من اجل حصول زيادة في راتبه، وعليه لابد من تغيير منظومة البحث والتطوير في وزارتي التعليم العالي والتربية ودارستها من قبل المختصين بالالقاب العلمية، وتهيئة ورش عمل حقيقية وألزام حاملي الشهادات العليا بالمشاركة فيها، وعرض نتائج وتوصيات كل اطروحة منجزة، مع امكانية الاستفادة منها في المستقبل”.
 
مشاكل وتوجيهات
وشخص عضو مفوضية حقوق الانسان الدكتور انس العزاوي الخلل الموجود في بحوث الماجستير والدكتوراه بقوله:
“ان اغلب تلك البحوث  لا تتعامل وتتوافق مع حاجة السوق العراقية او تغازل احتياجات الشركات العراقية او ادوات الدولة بشكل عام”.
 
ويضيف العزاوي:
“ ولا يمكن القاء اللوم على الطلبة او الجامعات لان اغلب الشركات والقطاع العام او وزارات الدولة ومؤسساتها بعيدة كل البعد عن الطاقات والكفاءات العلمية الموجودة بالعراق، ولايوجد حتى الان قانون لحماية الاختراعات العلمية، او قانون يفرض على قطاعات الدولة او الخاصة تبني مشاريع العمل التي يقوم بأعدادها الطلبة في الجامعات والكليات رغم كثافتها ووجود نسبة كبيرة من الخريجين بعد الانفتاح على الدراسات العليا”.
وتابع: “هنالك كم هائل من الاصدارات والبحوث والجهود الخيرة المبذولة، يمكن توظيف اغلبها في تعزيز العمل المؤسسي العراقي سواء في الجوانب الانسانية او التحليلية اوالفنية او الهندسية وحتى الطبية، ونسمع هنا وهناك اعلان لبراءات  اختراع تحققت على يد طلبة متوسطة او اعدادية او كليات او من حملة الشهادات العليا، لكن مع الاسف لم نجد متبنين لها، وقد تكون بعض الشركات الخاصة في قطاع الاتصالات قد تبنت عددا من الطلبة ومشاريع العمل، لكن لا المصارف والشركات والمستشفيات والمشاريع الفنية او النفسية قد تبنت احد هؤلاء المبدعين للاستفادة من بحثه للحد من الاوبئة او الافات او الحد من ظواهر الانتحار او التسول او الاتجار بالبشر او المخدرات او الدعارة المقننة”.
 
ونبه العزاوي:
“  المفوضية ومن خلال ادارتها لملف التربية والتعليم وجهت اكثر من كتاب الى الوزارة المختصة بضرورة الاستفادة من طاقات الخريجين حاملي الشهادات العليا وتفعيل تشغيلهم على مستوى القطاعات الحكومية، والزامها دوائر الدولة والقطاع الخاص ضمن الموازنة الاتحادية بالاستفادة من هذه الطاقات، اذ ان كثيرا من براءات الاختراع التي تصل الى المفوضية ترفق بكتاب رسمي الى وزارتي التربية او التعليم للاستفادة من هذه الافكار، كما تعاملنا مع القطاع العام كوزارات التجارة والتخطيط والزراعة وهيئة الكمارك والمنافذ الحدودية والمرور لاعادة توظيف جميع نتاجات الطلبة والباحثين في تلك الوزارات لتعزيز الفائدة العامة”.