منْ الذي يُلجمُ نتنياهو؟

آراء 2024/09/09
...

 عباس الصباغ 


أخطأ المجتمع الدولي برمته في انتهاج سياسة اللامبالاة أو غضّ النظر وصمّ الأذن، بسبب الخوف من سطوة أمريكا أو الممالاة مع سياستها، ومساندتها المطلقة والاستراتيجية تجاه الانتهاكات الاسرائيلية، التي تمارسها حكومة اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة اسرائيل وطاقمه الحكومي الفاقد للإنسانية، فالمناخ الدولي الحالي مع تواتر الاستهتار الاسرائيلي ـ الامريكي يشبه المناخ الدولي المتأزم عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية، وصعود القوى النازية والفاشية والديكتاتورية، التي دمرت السلم الدولي وزرعت الموت والخراب في جميع انحاء العالم، التاريخ اذن سيعيد نفسه اذا استمر الاستهتار ذاته بالمبادئ والأعراف الدولية وحقوق الانسان، وستعاد المآسي ذاتها باستهداف الشعوب الآمنة والمستقرة، ولن تتوقف عند متون غزة أو الشرق الاوسط فقط. وما يحدث في غزة منذ السابع من اكتوبر وإلى الآن، هو إعادة لجزء من سيناريو الحرب العالمية الثانية، بل أفظع منه وقد يكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة، كما يقول المختصون الامنيون، ومن معالم هذا السيناريو أن قواعد الاشتباك قد تغيرت تماما عمّا سبق من قبل حكومة اسرائيل اليمينية المتطرفة والمتشددة، والتي حولت سياسة الدفاع عن النفس (كما تدعي) إلى سياسة الاشتباك التدميري الممنهج، فتحولت تلك القواعد من الاشتباك ضد عدو معيّن بذاته (حماس)، ساهم بتوجيه ضربة خاطفة ضده بل إلى إبادة شعب أعزل بكامله بشتى الطرق من التدمير والقتل والتجويع والتخريب، الامر الذي يعني أن هذا السيناريو سيئ، الصيت قد يتكرر مع اية جهة تتشابك مع إسرائيل لأي سبب كان ـ وبما يشبه الرسالة المبطنة شفراتها ـ بأن مصيرها لا يختلف عن مصير غزة، بدليل أن أركان حرب نتنياهو يحذّرون الجهات التي تشتبك معهم بإعادة سيناريو غزة معهم، كما يهددون مثل جنوب لبنان وايران واليمن، وكما تعرضت الشعوب الآمنة إلى الغزو والدمار من قبل النازية الهتلرية والفاشستية الموسولينية والديكتاتورية الغاشمة وغيرها. 

 عجيبٌ ما تقوم به حكومة اسرائيل ورئيسها نتنياهو، وغريبةٌ هي سياستها وتصريحات وزرائها، فهي إلى جانب أنها شاذة وعنصرية، ويمينية متطرفة،، فهي تتحدى العالم مجتمعاً، وتقف في مواجهة الإرادة الدولية، وتتبجح في مواقفها وتتشدد في سياساتها، وتعلن معارضتها الرأي العام الدولي كله، ومخالفتها القوانين والأعراف الدولية، ورفضها للنظم والمواثيق، وانتهاكها الصارخ للاتفاقيات والمعاهدات، فتراها تعيث فساداً كما تريد، وتدمر وتخرب كما تشاء، والغريب ان قرارات محكمة العدل الدولية، لم تكن ملزمة حيال الدعوى، التي رفعتها حكومة جنوب افريقيا ضد إسرائيل، بعد ان تجاوزت اسرائيل جميع الخطوط الحمر ووصول الاعتداءات والمجازر إلى أكثر من 40 ألف شهيد واضعاف هذا العدد من الجرحى والمعاقين ـ لغاية كتابة هذه الاسطر ـ علاوة عن تدمير البنى التحتية اللازمة للعيش الكريم، فاستحال المجتمع الدولي بأجمعه إلى خندق، بينما بقيت إسرائيل ومن يقف معها وعلى راسهم الولايات المتحدة والغرب في خندق اخر وهو الخندق المعادي للإنسانية جمعاء.

 وليس امام المجتمع الدولي سوى طريق وحيد للجم نتنياهو اليميني المتطرف، يكون بتشكيل محور دولي مناوئ لإسرائيل على غرار المحور الدولي المناوئ للنازية، ليس عن طريق شن الحروب والهجومات العسكرية، بل باتباع سياسة المقاطعة بجميع أشكالها الاقتصادية والسياسية والمالية، بل جميع اشكال النشاط الانساني إلى أن تتغير سياسة إسرائيل، التي تسبح عكس التيار الانساني، كونها تستهين بالمجتمع الدولي، وكما حدث مع النازية، لأن العدوان الصهيوني على غزة يهدد استقرار المنطقة والعالم، وتوحش اسرائيل لا يهدد غزة فقط، بل صار يهدد عموم السلم الدولي لعموم العالم، لذا يجب عزل اسرائيل عزلا تاما عن فعاليات وانشطة الأسرة الدولية، وترك نتنياهو ليلقى مصير هتلر أو موسوليني أو صدام حسين.

قد تمادى نتنياهو كثيرا في غيّه إلى درجة أنه تمرد حتى على أمريكا نفسها. أمريكا صارت غير قادرة على لجم نتنياهو ومنعه من حماقة واستهتار سلوكه وتصرفاته، ووفقاً لهذا الافتراض، يشهدُ العالم اذاً حالة تمرّد وانفلات خطيرة لنتنياهو، تجعل العالم بأسره على حافة حرب واسعة وشاملة، خارجة عن محيطها الجغرافي فهل يعيد التاريخ نفسه مع نتنياهو الذي تحول إلى وحش يهدد العالم أجمع وسابقا مع هتلر النازي.