ترحيب عراقي بزيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد

الثانية والثالثة 2024/09/11
...

 بغداد: رلى واثق وشيماء رشيد ومهند عبد الوهاب وعمر عبد اللطيف

أنهت الجهات الدبلوماسية والرسمية في العاصمة بغداد استعداداتها لاستقبال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والوفد الرسمي الرفيع المرافق له، الذي يزور العراق في أول محطة خارجية له بدعوة رسمية من رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وكشف مصدر عراقي مسؤول لـ"الصباح"، أن زيارة الرئيس الإيراني ستشهد توقيع 12 مذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.

مذكرات تفاهم

وقال وكيل وزارة التجارة ستار الجابري لـ"الصباح": إن "اللجنة العراقية – الإيرانية التأمت ببغداد أمس الثلاثاء، وقمنا باستقبال الوفد الوزاري الإيراني المكوّن من 24 شخصية، لاستكمال عدد من إجراءات مذكرات التفاهم خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق اليوم الأربعاء، والاتفاق على توقيع مذكرات التفاهم أثناء حضوره". وبيّن، أن "اللجنة أنضجت 10 مذكرات تفاهم بعد المفاوضات والمداولات، منها في مجالات (الشباب والرياضة والمناطق الحرة والغرف التجارية والزراعة والموارد الطبيعية والبريد والتعاون الثقافي والتبادل الفني والأثري العراقي والإيراني والتربية والحماية الاجتماعية والتدريب المهني والفني العراقي والتعاون الإعلامي لهيئة الإعلام والاتصالات)، وأصبحت المذكرات جاهزة للتوقيع وتسمية المخوّلين من وزراء أو رؤساء هيئات أو مدراء عامين لتوقيعها". ونوّه الجابري، بأن "اللجنة ستستكمل نحو مذكرتين أخريين ليصبح العدد 12 مذكرة تفاهم ستوقع بحضور الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني".


 الرياضة والشباب

من جانبه، قال المدير العام لدائرة العلاقات والتعاون الدولي بوزارة الشباب والرياضة حسام حسن، في حديث لـ"الصباح": إن "من ضمن مذكرات التفاهم التي ستوقع (اليوم الأربعاء) خلال زيارة الرئيس الإيراني الجديد إلى بغداد ما يختص بمجالي الشباب والرياضة بين الوزارتين العراقية والإيرانية، إذ تتضمن العديد من البنود التي تم العمل عليها خلال المدة الماضية عن طريق اللجنة المشتركة بين الجانبين والتي عقدت في بغداد ومن ثم طهران خلال شهر أيار الماضي، وتوقفت هذه اللجنة بعد حادث وفاة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي". 

وبيّن حسن، أن "المشوار سيكتمل مع عدة مذكرات تفاهم جاهزة للتوقيع، حيث أكملت وزارة الشباب والرياضة المسودة والاتفاق مع الجانب الإيراني على كل ما ورد فيها، إذ تتضمن تبادلاً لزيارات القيادات والمعسكرات الشبابية والمخيمات الكشفية في كلا البلدين، والتعاون في مجال إقامة ورش العمل والبرامج الخاصة بالشباب". 

وتابع: أن "المذكرة تتضمن بنداً في مجال مكافحة المخدرات والمنشطات في الجانب الرياضي، وبنداً لتبادل الخبرات في الطب الرياضي بين البلدين، وتبادل الزيارات بين المنتخبات والأندية والتعاون بين الأندية والاتحادات الرياضية، وإقامة المعسكرات التدريبية في إيران وفي حال رغبة الفرق الإيرانية في إقامة تلك المعسكرات في بغداد". وأوضح حسن، أن "المذكرة تشمل تبادل المدربين والخبراء والتنسيق في العديد من الأمور التي تخص رياضة البلدين وتبادل الخبرات في مجال الاستثمار والبنى التحتية، لاسيما مع وجود ملاعب تنشأ حالياً من قبل الشركات الإيرانية، وزيارات متبادلة على مختلف الأصعدة والمجالات بين البلدين".


برنامج الزيارة

ويرافق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في زيارته الخارجية الأولى وزراء الخارجية والدفاع والتجارة ومجموعة أخرى من الوزراء والمسؤولين الإيرانيين. أما برنامج الزيارة، فيشمل بغداد والبصرة ومن المحتمل أن يزور الرئيس الضيف العتبات المقدسة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، وكذلك إقليم كردستان العراق، بحسب ما صرّح به سفير إيران لدى العراق محمد كاظم آل صادق.  وقال آل صادق في حديث لوكالة "إيسنا" الإيرانية أمس الثلاثاء: إن "زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تأتي بهدف توسيع وتعزيز العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية"، وذكر أنه "سيتم خلال هذه الزيارة التشاور في الملفات الثنائية والتعاون الدولي والإقليمي وآخر التطورات في غرب آسيا"، موضحا: "سيستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيس الإيراني أول زيارته، ومن ثم سيلتقي ويتشاور مع الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد". 

وأوضح السفير الإيراني لدى العراق، أنه "سيتم عقد اجتماع عمل للوفدين الإيراني والعراقي برئاسة بزشكيان والسوداني"، وقال: "سيلتقي الرئيس الإيراني خلال هذه الزيارة برئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان، ومن ثم سيشارك في عشاء يقام بدعوة من ائتلاف إدارة الدولة العراقي، ويشارك في هذه المأدبة عدد من المسؤولين العراقيين وأشخاص آخرون من مختلف الأطياف الدينية والسياسية". وبيّن آل صادق، أنه "سيتم خلال هذه الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين مسؤولي البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والبريدية والاتصالاتية والزراعية والفنية والرياضية"، مشيراً إلى أن "بزشكيان سيزور محافظة البصرة، التي تعد العاصمة الاقتصادية للعراق". 

وبشأن ما إذا كان الرئيس الإيراني سيتوجه إلى أربيل، قال السفير الإيراني: "يجري التخطيط لزيارة رئيس الجمهورية لهذه المنطقة"، وذكر أنه "من المرجح أن تستمر زيارة الرئيس الإيراني للعراق يومين، حيث سيزور خلالها العتبات المقدسة في كربلاء والنجف أيضاً".

ترحيب عراقي

ورحّبت أوساط سياسية وبرلمانية بزيارة بزشكيان للعراق، وقال عضو مجلس النواب شريف سليمان، في حديث لـ"الصباح": إن "زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد مرحّب بها، ونتمنى أن تسهم في توطيد العلاقات وتطويرها في كافة المجالات، سواء مع الحكومة الاتحادية أو حكومة الإقليم"، مبيناً أن "العراق يحتاج لتطوير العلاقات مع جميع جيرانه دون استثناء". وأضاف، أن "العراق يمر بمرحلة تطور وبناء، ويعمل على إنهاء المعاناة وفتح آفاق جديدة مع الجميع، كونه بلد يضم شعباً يحب الحياة ويتواصل دائماً مع جيرانه ومع العالم الإقليمي والدولي، لذلك نحن نرغب في فتح صفحات جديدة مع كافة الدول التي هي بحاجة لنا ونحن بحاجة لها أيضاً، وذلك وفقاً للأطر القانونية والدستورية ومبدأ حسن الجوار". نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية، حسين السعبري قال لـ"الصباح": إن "زيارة الرئيس الإيراني للعراق ستعمل على إنجاز الكثير من الملفات المهمة، وستطرح ملفات اقتصادية وسياسية وأمنية مع الجانب الإيراني"، مؤكداً أن "الزيارة وما تحمله من حوارات بين البلدين ستؤثر إيجاباً في مجالات كثيرة خصوصاً في ملفات الطاقة والغاز والكهرباء والتجارة".  من جانبه، رأى رئيس كتلة الصابئة المندائيين، أسامة البدري، في حديث لـ"الصباح"، أن "زيارة الرئيس الإيراني سيكون لها تأثير إيجابي من خلال التفاهمات بين البلدين، ولأنها تعد أولى محطاته الخارجية منذ تسنمه المنصب تعد زيارة نوعية وستتمخض عن الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية والتجارة إضافة لتنظيم التبادل التجاري"، معرباً عن أمله في أن تسهم الزيارة بطرح "حلول لقضايا سياسية واقتصادية عالقة يمكن أن تعالج عبر الاتفاقيات ومذكرات التفاهم". أما رئيس كتلة منتصرون النيابية، فالح الخزعلي، فقال لـ"الصباح": إن "العراق حريص على التواصل مع دول العالم ودول الجوار، وتربطنا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقات مشتركة، ولاسيما أن الجمهورية الإسلامية لها مواقف كبيرة مع الشعب العراقي عندما تعرض لهجمة إرهابية أوشكت على تقسيم العراق". وأضاف الخزعلي، أن "لدى العراق ملفات كبيرة مع إيران على مستوى التجارة والمنافذ الحدودية والمياه، وكلها ملفات ستبحث خلال الزيارة التي نتوقع لها تأثيرات إيجابية"، مؤكداً أن "زيارة الرئيس الإيراني للعراق كأول محطة خارجية له؛ تدل على أهمية العراق ودوره المحوري في المنطقة، لاسيما مع حالة التعافي التي يمر بها البلد". 


مراقبون إيرانيون

في غضون ذلك، أكد مراقبون إيرانيون على أهمية زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق ليكون البلد الأول في جدول زياراته الخارجية. وقال المحلل السياسي صالح القزويني، لـ"الصباح": إن "هنالك دلالة ومعنى كبيرين جداً بأن يكون العراق هو الأول ضمن جدول زيارات الرئيس الايراني مسعود بزشكيان الخارجية، وأن العراق في صلب أولويات السياسة الخارجية له".

وأضاف، أن "الرئيس بزشكيان سيشكر في البداية جميع العراقيين على استضافتهم لجميع الزوار ومنهم الزوار الإيرانيون في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، كما سيشكر الحكومة العراقية على مواقفها الطيبة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية". وبيّن القزويني، أن "الرئيس الإيراني يطمح بارتفاع مستوى التعاون المشترك بين البلدين، وأن لا يقتصر الأمر على الـ12 مليار دولار كمستوى للتبادل التجاري بين البلدين، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين البلدين في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن"، منبّهاً إلى أن "الملف الاقتصادي سيتصدر بالتأكيد جدول المباحثات".  من جانبه، توقع الباحث بالشأن السياسي، محمد حسين خليق، أن "تأخذ القضية الفلسطينية حيزاً واسعاً في الحديث والحوار أثناء زيارة الرئيس الإيراني لبغداد"، وقال خليق لـ"الصباح": إن "دعم العراق للقضية الفلسطينية سيكون المسار الأوسع في الحديث خلال لقاء الرئيس الإيراني بالمسؤولين في العراق، فضلاً عن الملف الاقتصادي والأمني".

وأكد، أن "خصوصية المرحلة تفرض نفسها على هذه الزيارة، خصوصاً التحديات الكبرى والملف الاقتصادي للبلدين اللذان يعدان الأغنى في المنطقة، مع وجود هدر كبير للفرص التي يمكن استثمارها في هذه المرحلة". أما الصحفي الإيراني محمد قدري، فقد عدّ اختيار العراق كوجهة أولى للرحلات الخارجية للرئيس بزشكيان "يظهر الأهمية الخاصة للعراق في العلاقات الإقليمية والسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية". وأضاف قدري، في حديث لـ"الصباح"، أن "هذه الزيارة نقطة انطلاق جيدة للحكومة الإيرانية الرابعة عشرة، لمواصلة طريق التفاعلات الواسعة وإزالة العقبات أمامها، خاصة أن هناك أيادي شريرة كثيرة تحاول الإضرار بالعلاقات بين البلدين"، وأكد أن "القضايا العالقة بين إيران والعراق يمكن حلها في أجواء ودية ويمكن تحويلها إلى فرصة لزيادة قدرات البلدين، لأن كلا من الشعبين العظيمين إيران والعراق لديهما تاريخ طويل جداً في الثقافة والحضارة". وأكد، أن "الاهتمام بالتضامن السياسي والثقافي والاقتصادي والأمني فيما بين العراق وإيران يمكن أن يحل المشكلات بين البلدين، بشرط عدم السماح للقوى الخارجية بالتدخل في شؤون العلاقات بين البلدين الجارين".