ذراعٌ واحدةٌ تكفي

الصفحة الاخيرة 2024/09/12
...

د. طه جزاع




مع عودة اللاعبة نجلاء أو نجلة عماد من باريس وهي تزيّن صدرها بالميدالية الذَهبيَّة بكرة الطاولة في دورة الألعاب البارالمبية، فإنها لم تحقق حلماً شخصّياً فحسب، إنما حققت للعراق ما لم يتمكن من تحقيقه ذوو الأجسام السليمة في الألعاب الأولمبية باستثناء الرباع عبد الواحد عزيز صاحب الميدالية البرونزية الوحيدة في أولمبياد روما عام 1960. ولدت نجلاء عام 2004 مكتملة الأطراف لكن عبوة لاصقة وضعت في سيارة والدها سلبت منها ثلاثة أطراف دفعة واحدة، ولم تبق لها غير ذراعها الأيسر وهي في الثالثة من العمر.

البطلة التي رفعت عَلم العراق في محفل رياضي دولي مهم، قدمت صورة مشرقة لإرادة الإنسان حين يتجاوز المُحبطات والأقدار السيئة من أجل أن يحقق حلمه الكبير، وجسدت عملياً عبارة لإرنست همنغواي طالما تداولناها من روايته الشهيرة " الشيخ والبحر": قد يتحطم الإنسان، ولكنه لا يُهزم. فلم تهزمها إرادة الشر، وثابرت وتدربت بتشجيع الناس وحرص المدرب وتمكنت من تحقيق نتائج طيبة على الصعيدين المحلي والدولي كما في بطولتي برشلونة وطوكيو حتى فوزها بلقب بطولة العالم لتنس الطاولة بعد تغلبها على الأوكرانية مارينا ليتوشينكو.

لا أذكر أين قرأتُ مرة، أن جندياً في الحرب العالمية الثانية كان قلقاً بشأن رفيقه الذي فقد احدى ذراعيه أثناء القصف، فلما تمكن من معرفة عنوانه بعد سنين طويلة من انتهاء الحرب، بعث له برسالة يسأله عن حاله بعد فقد ذراعه، فأجابه أنه يستغرب لماذا خُلق الإنسان بذراعين. ذراع واحدة تكفي!.

قبلة على جبين ابنة العراق الجميلة نجلاء عماد، فقد حققت بذراع واحدة ما لم يتحقق بأربعة أطراف.