سيرة عطرة

ريبورتاج 2024/09/12
...

سعاد البياتي 




حينما قرأت كتاب (عبقريَّة محمد) لمصطفى العقاد، وجدت فيما دونه الكثير من معاني الإنسانيَّة والحب تجلى في شخصيَّة نبي الرحمة (محمد صلى الله عليه وآله وسلم) التي تدعو للإعجاب والثناء، لما قدمه للبشريَّة من جوانب الحياة كافة، فأينما ولينا وجوهنا نرى شخصيَّة عظيمة متفردة لها سماتها وتأثيرها الكبير والمجدي، فضلاً عن رسالته السماويَّة التي أغرقت العالم بقوانينها ومنهجها السليم بالأهداف والمعاني.

اليوم لا بُدَّ من الحديث عن الإنسانيَّة في حياة نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله)، والتي تجلت في العديد من المواقف والحالات، ففيها الكثير من العمق والسلام مع النفس ومع الآخرين، بها تسمو الروابط البشريَّة والمعنويَّة، فضلاً عن الرحمة والخير اللذين تحملانهما لتنشرها على المجتمع فتتساقط كل المتاعب والآلام، فالقدوة والاسوة في شخصيته ليست للمؤمنين به فقط، وإنَّما هي نموذج لكل إنسانٍ يتطلعُ الى معنى التكامل والصفاء، حتى وإنْ لم يبلغوا الى ذلك بالمستوى المطلوب من صفاته، وحينما قرأنا عنه وجدناه قريباً من قلوبنا وأرواحنا.. أحببناه بالبصيرة وليس بالبصر، لمسنا في حياته أموراً يعجز اللسان عن ذكرها لما تتضمن من مآسٍ وأحزانٍ، بيد أنَّه لا يأبه بها؛ لأنَّه آمن بالله وجعله أقرب الأقربين، في ساحة حياته الواسعة كان يقيم دولة الإسلام ويتابع الناس، ويحرص على حل مشكلاتهم ويروض الآخرين على سياسة الإيمان والعقيدة، ويتخذ من الصدق والأمانة صفة وشعاراً في كلّ سلوكياته، ويحترم الكبير ويعطف على الصغير، محباً لبيته وزوجاته غير مفرقٍ بينهنَّ، وهي الإنسانيَّة بعينها التي تغيب في أحيانٍ كثيرة عن البشر، كما كان رحيماً ودوداً وعادلاً، إنَّه ثراء النبوة ومثال السمو والرفعة، إنها جوهر الأخلاق النبويَّة الشريفة.

مشاهد رفيعة ومهيبة تظهر بنقاء الإنسانيَّة التي كان عليها أفضل الصلاة والسلام عليه، في سلوكه مع كل الناس، مشاهد تؤكد قول ربنا في حق شفيعنا ورسول العالم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

فسيرة الرسول الأعظم ليست تاريخاً نحفظه ونمجده، بيد أنَّ تاريخه المجيد والزاخر بالمفاهيم والحقائق والإنجازات على مستوى العالم أجمع جعلت منه شخصيَّة لها وزنها وثقلها منذ الرسالة والى يومنا هذا، والتى يمكن للبشريَّة أنْ تجعل منها طاقة ممتلئة بالرقي والنقاء، بوصفها خاتمة الرسالات السماويَّة.

فهنيئاً للمسلمين بهذا النبي العظيم، وحريٌ بنا أنْ نقيمَ الاحتفالات بيوم مولده ونعظم شأنه وسيرته العطرة.