العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض «نياندرتال»

علوم وتكنلوجيا 2024/09/17
...

 باريس: أ ف ب


لا تزال أسباب انقراض إنسان نياندرتال لغزاً، إذ يرى البعض أنه نتيجة تغيّرات مناخية، بينما يرجح آخرون أنْ يكون ناجماً عن أوبئة، لكنّ دراسة عيّنة من وادي رون، من سلالة قضت 50 ألف سنة من دون تبادل جينات مع مجموعات أخرى، تطرح احتمال أنْ يكون الانقراض نتيجة هذه العزلة الجينيَّة.سكن إنسان نياندرتال أوراسيا حتى قرابة 40 ألف سنة قبل الميلاد، وتعايش مع الإنسان العاقل، قبل أنْ ينقرض.وقال لودوفيك سليماك، وهو باحث في المركز الوطني للبحوث العلمية التابع لجامعة تولوز بول ساباتييه والمعد الرئيسي للدراسة: «إنها اللحظات الأخيرة التي كانت فيها مجموعات كثيرة من البشر على الأرض، في مرحلة استراتيجية وغامضة جداً لعدم فهمنا كيف يمكن لبشريَّة بأكملها، كانت منتشرة من إسبانيا إلى سيبيريا، أنْ تنقرض فجأة».

وعُثر على العينة التي تحمل اسم «ثورين»، في إشارة إلى شخصية من إحدى روايات جون رونالد تولكين، عام 2015 في كهف ماندرين الذي كان يؤوي بالتناوب مجموعات من إنسان نياندرتال والإنسان العاقل. وهذا الاكتشاف نادرٌ، ويمثل أول إنسان نياندرتال يتمُّ اكتشافه في فرنسا منذ العام 1978. ففي مختلف أنحاء أوراسيا، لا يوجد سوى نحو أربعين

منهم.

وقال سليماك «بمجرد سحب الجثة من الأرض، أرسلت قطعة عظم صغيرة، متأتية من ضرس، إلى كوبنهاغن لتتسلمها الفرق المتخصصة في علم الوراثة»، مضيفاً «نحاول منذ عشر سنوات الحصول على حمض نووي في ماندرين، ولم ننجح مطلقاً في تحقيق ذلك، إذ بمجرد سحب العظام من الأرض، يتحلل الحمض النووي بسرعة كبيرة».وبحسب التحليلات الأثريّضة «يتراوح عمر هذه الجثة ما بين 40 و45 ألف سنة، لكنْ بالنسبة إلى علماء الوراثة تعود إلى 105 آلاف سنة، وكان أحد الفريقين مخطئاً حتماً».استغرق الأمر سبع سنوات من البحث لطرح الموضوع. وأظهرت تحليلات نظائرية أن «ثورين» عاش في مناخ شديد البرودة، يتوافق مع العصر الجليدي الذي لم يشهده سوى إنسان نياندرتال المتأخر.لكن الجينوم الخاص به قديم جداً. وقال عالم الوراثة السكانية والمعد الرئيسي للدراسة مارتن سيكورا «إنها بقايا من أقدم مجموعات إنسان نياندرتال في

أوروبا». 

وأضاف «إن السلالة المؤدية إلى «ثورين» انفصلت عن سلالات إنسان نياندرتال المتأخرة الأخرى منذ قرابة 105 آلاف سنة».ثم قضت هذه السلالة 50 ألف سنة «من دون أي تبادل جيني مع إنسان نياندرتال الأوروبي الكلاسيكي»، بما في ذلك مع السكان الذين عاشوا على بعد أسبوعين فقط مشياً، على قول سليماك. وهي عزلة لا يمكن تصورها لدى الإنسان العاقل.وقال سليماك «لقد كان علم الآثار يفيدنا منذ فترة طويلة بأن بشر نياندرتال عاشوا في مناطق صغيرة جداً، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات حول موقع

معيّن». 

وعرفنا تالياً أنهم كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة، ويعانون من مشكلات مرتبطة بزواج الأقارب.وقالت ثارسيكا فيمالا، عالمة الوراثة السكانية في جامعة كوبنهاغن «عندما يكون الإنسان معزولاً لفترة طويلة، يصبح التنوع الجيني محدوداً لديه، ما يعني قدرة أقل على التكيف مع التغير المناخي ومسببات الأمراض، كما أنّ ذلك يحدّه اجتماعيا لأنه لا يشارك ولا يتطوّر كمجموعة سكانية».