تباين الآراء بشأن مقترح {الحوافز الانتخابيَّة}

الثانية والثالثة 2025/01/30
...

 بغداد: هدى العزاوي

في خطوة فريدة من نوعها، أعلن النائب عامر عبد الجبار، عن تقديمه مقترح قانون يحمل عنوان (قانون الحوافز الانتخابية)، الذي يسعى وبحسب قوله إلى زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، من خلال تقديم "حوافز" مختلفة بهدف تعزيز التغيير الفعلي بطريقة سلمية، الأمر الذي أثار الجدل بين الأوساط البرلمانية والسياسية، فبين مؤيد يرى فيه خطوة لتعزيز نسبة المشاركة بالانتخابات، ومعارض يعده ظاهرة غريبة وغير صحيَّة لا تتفق والممارسات الديمقراطية، انقسمت أغلب الآراء التي استطلعتها "الصباح" بهذا الشأن.

عضو مجلس النواب النائب ياسر اسكندر وتوت، قال في حديث لـ"الصباح": إن "هدف تعزيز المشاركة الانتخابية بطرق مبتكرة لا يمكن أن تكون على حساب العدالة الوظيفية والاجتماعية، كون المقترح لم يلزم الجمهور المستهدف باختيار لون أو عرق أو اسم معين بل بإمكان المشارك أن يُسقط ورقة الانتخاب 

ويخرج".

وأشار إلى أن "مقترح القانون خطوة مهمة لتحفيز حسِّ المسؤولية الاجتماعية التي عزف العديد من أبناء الشعب العراقي عن ممارستها منذ أول انتخابات عام 2005 ولغاية اليوم، فلم تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى مستويات مرتفعة، وهذه حالة غير صحية وتعطي مخرجات ذات تمثيل نسبي ضئيل جداً للشارع العراقي".

وأكد النائب، أن "مثل هكذا مقترحات ستُسهم بطريقة أو أخرى في رفع نسبة المشاركة".

مزايا التصويت

أما أبرز النقاط التي تضمنها مقترح القانون :فهي منح الموظفين المدنيين والعسكريين ممن يشارك منهم في التصويت قدماً وظيفياً لمدة ستة أشهر، كما يمنح المصوتون من غير الموظفين أولوية في التعيين، ويعفى المصوتون العاملون في القطاع الخاص من 10بالمئة من الضريبة المستحقة، يُضاف لذلك منح المصوِّتين المشمولين بالضمان الاجتماعي أفضلية في الإجراءات الرسمية، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة مثل المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.


معارضة المقترح

من جانبه، وصف الخبير في الشؤون الانتخابية، عادل اللامي، مقترح القانون بـ"الغريب" على كل الممارسات الديمقراطية في معظم المجتمعات الدولية. وقال اللامي في حديث لـ"الصباح": إن "هذا المقترح يشكل ظاهرة غير صحية يمكن أن تُفسَّر على أنها وسيلة ترغيبية لها نفس الأثر في محاولات الترهيب للناخبين في بعض الأنظمة كما في النظام السابق، علاوةً على أنها تشكل تمايزاً واضحاً بين جمهور الناخبين الذين يفترض أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، وبما أن الدستور جعل من عملية المشاركة بالتصويت حقاً وليس واجباً فإن من يمتنع أو يشارك بالتصويت يتمتعان بهذا الحق بالتساوي، حيث أن الامتناع عن التصويت يمثل رأياً وموقفاً سياسياً كمن يشارك بالتصويت"، على حدِّ قوله.


دعم مشروط

ويرى رئيس "مركز الشرق للدراسات الستراتيجية والمعلومات" علي مهدي الأعرجي، في حديث لـ"الصباح"، أن "مقترح مشروع قانون (الحوافز الانتخابية) مهم ويعمل على تعزيز مشاركة الاغلبية الدهماء المقاطعة للانتخابات من خلال حوافز تتعلق بالتوظيف أو علاوات او ترفيع"، إلا أنه استدرك أن "هذا القانون بحاجة إلى انضاج أكثر وصيغة مقنعة، لاسيما أن دول ديمقراطية مثل أستراليا وفرنسا وغيرها تقدم للجمهور حوافز من أجل استمالتهم للمشاركة، خصوصاً أن النظام الديمقراطي يعتمد على الانتخابات بشكل كبير، ولكن بنفس الوقت لا يمكن أن نختزلها بالانتخابات فقط، لأن الديمقراطية لا يمكن أن تكون نظاماً للحكم مالم تكن نظاماً للمجتمع". وأضاف، أن "هذا المقترح من الجانب العلمي سيواجه تحديات كبيرة، أبرزها عدم توفر بِنية تحتية إدارية دقيقة لتتبع المصوتين، كذلك صعوبة بل استحالة ضمان التنفيذ للحوافز بشكل عادل، فضلاً عن ذلك فإن ربط المشاركة الانتخابية بحوافز مادية أو وظيفية قد يُضعف من نزاهة العملية الديمقراطية".

وقدم الأعرجي إشكاليات حقوقية وقانونية تضمنتها نقاط مقترح القانون، وقال: إن "المقترح يتضمن إجراءات مثل منح قدم وظيفي لمدة ستة أشهر للموظفين المدنيين والعسكريين الذين يشاركون في التصويت، وهو ما قد يثير جدلاً حول عدالة النظام الوظيفي، إذ يترتب عليه تمييز قائم على التصويت بدلاً من معايير الكفاءة والإنجاز التي يستند عليها النظام الوظيفي في أي بقعة من بقاع العالم المتطور، كما ينصُّ القانون على منح أولوية في التعيين لغير الموظفين الذين يشاركون في الانتخابات، وهنا أجد أننا نفتح باباً جدلياً آخر على دولة تعاني من ترهُّل في الهيكل الوظيفي، لذلك من غير المنطقي أن نقدم على فتح هكذا باب يرهق كاهل موازنة الدولة"، بحسب قوله. وعن الإعفاء الضريبي، يشير الأعرجي، إلى أن "اقتصاد العراق ريعي يعتمد على النفط، وطرح إعفاء ضريبي بنسبة 10بالمئة للمصوتين العاملين في القطاع الخاص أجده يثير مخاوف من خلق تفاوت اقتصادي بين المواطنين دون مبرر عادل، لاسيما أن الوضع الاقتصادي في البلد غير متزن، كما أن الامتيازات المقترحة في مجال الضمان الاجتماعي للمصوتين تتهدد بتعزيز الشعور بعدم الإنصاف بين الفئات المختلفة، خاصة عندما يتم تفضيل شريحة على أخرى بناء على تصويتهم الانتخابي، والمواطن العراقي يمتلك حساسية مفرطة من النهج الانتخابي رغم إيمانه بالعمل الديمقراطي".