صادق الجمل
في مداولات كثيرة وآراء متباينة و اختلاف وجهات النظر عن دور الرواية في الأحداث يقفز السؤال: ما فائدة الكتابة في أحداث أكل الزمن عليها وشرب؟ هل يجترُّ الكاتب الأحداث اجتراراً ليجلد التاريخ أم الكتابة عن الأحداث الماضية هو خواء في روح وخوف من مقص الرقيب والسلطة وما فائدة الكتابة بعد انطفاء نيران الأحداث؟
رأي يرى أن الحدث يجب أن يستفز قلم الكاتب وينقل حرارته بما يري وما يسمع ليرسم إيجابياته ؛ ويندمج مع مشاعر الناس اندماجاً متوحداً معبراً عن أمنيات الثائرين. وهذا الفريق يستشهد بشعراء كثيرين كان لدورهم أثر هام في إيقاد شعلة الثورات الفرنسية والروسية والعربية أمثال : فولتير ؛ جان جاك روسو؛ مونتسيكيه؛ دعبل الخزاعي؛ الرصافي؛ الجواهري محمود درويش أحمد فؤاد نجم؛ أبو القاسم الشابي وغيرهم الكثير. إن الجمهور سماعي يتأثر باللحظة اليقظوية الراهنة. هذا الرأي سديد وسليم بدور الشعراء في استنفار همم الجمهور.
يقفز السؤال الآخر عن دور كاتب القصة والرواية ويرى هؤلاء وأنا منهم أن على كتاب الرواية والقصة أن يتمهلوا كثيراً كثيراً و أن لا يكتبوا في أتون الاأحداث لأنهم سيكونون تحت تأثير لحظة الانفعال والتي ستنتج انحيازاً مطلقاً للصورة الضبابية ولا يرى ما خلف هذا الضباب من ألاعيب السياسة والسياسيين.
على الكاتب الروائي أن يترك فسحة زمنية كبيرة إلى أن ينقشع الضباب وتتضح الصورة بحيث لا يشوبها الارتباك والانفعالية ورد الفعل الآني. ولنا من التأريخ الكثير من الأمثلة ففي أحداث مصر وسوريا والعراق. كتب نجيب محفوظ ومحمد الماغوط وعبد الرحمن منيف وفؤاد التكرلي عن انتكاسات وهزائم الأنظمة والأحزاب بعد سنوات حينما أشرقت شمس الحقيقة.
لذا أرى أن صبر الكاتب الروائيّ وتأنِّيه ضروريان، خاصة ونحن نعرف أن الرواية مقروأة بعد كتابتها بزمن طويل وتأثيرها أطول زمناً وليست كالشعر ذي التأثير اللحظوي، من أجل أن تصبح الرواية وثيقة تاريخية فنية.