ولادة قصيدة حُبِّ في معرض بغداد الدولي

ثقافة شعبية 2024/09/19
...

 سعد صاحب 

عراق الجمال والأناقة والإشعاع والشعر والغناء والموسيقى، ومعارض الكتب والمواعيد والأمل والانطلاق، نحو مهرجان النور والصداقات والسلام والواجب الوطني، بحمايته من الأعداء واللصوص والغزاة. عراق التفوق الأدبي، ودارة العلم والخير والمودة والبناء الشامخ العتيد.

ما أكثر الجميلات فيه، وما أروع الأشجار المتراقصة مع النسيم، وصوت خرير المياه يضبط إيقاع القصيدة، المنفلتة من الأوزان والقوافي والحواجز والبحور:

(هذا عراقك يقره الممحي/ هذا عراقك بلسم جرحي/ هذا عراقك طعم الحنظل للما يوفي/ بس للمخلص وكت الشده بطعم البرحي/ هذا عراقك حفنه شموس وهاله التضوي بغبشة صبحي/ شمس الحب تظل تلالي/ شمس الوطن الثوري الغالي/ شمس التطلع فوگ وجوه الناس الفقره/ شمس التسطع ساعة عودة ذاك الغالي/ شمس التنشر ضيها اعلى القداح الجبلي).

ربما يكون الحب من أول نظرة، والأجمل لو كان المسبب للمحبة دار نشرٍ أو شراء كتاب، والجمال يتجلى في الشارع والمدرسة ومكان العمل وفي معارض الكتب السنويَّة، فنعشق من دون أنْ ندري، ويصيبنا الانفعال وينقسم القلب الى نصفين: نصف ثمل من شدة الارتياح، ونصف يعاني من الألم والاحتراق والبلاء، ورغم الإرهاق والاشتعال والمتاعب والشجون، يسعى العاشق الى الفضيلة ويحلم بالاكتمال:

(وسط عيونچ لوحه وعالم كامل شايف/ من أحزان ومن أشجان ومن سيوف تحاصر جسمي/ من افراح ومن اعياد ومن اجروح ومن اسوالف/ شايف لون الكل لوحات العالم دمي/ شايف كل حارات الاركض بيها/ شايف كل ساحات الاقصد ليها/ شايف من الغيم وتنزل شيلة امي / شايف بين العين وبين الحاجب املي).

الكتابة باقية على مدى الدهور، والقول الشفاهي يذهب مع الرياح، والإنسان انعكاسٌ لما يقرأ من الكتب، الشعريَّة والروائيَّة والعلميَّة والفلسفيَّة والفنيَّة والإنسانيَّة، وهو صدى لأصواتٍ إبداعيَّة عديدة، ورحيقٌ طيبُ الرائحة لمختلف الأزهار، الموجودة في حدائق المعرفة المباحة للجميع، وعند القراءة المنتقاة، تتحررُ الروحُ من الإحباط واليأس والانكسار 

والعدوان:

(نص معرض بغداد الدولي/ هذا اليعبر شايل رزمة كتب بچفه/ ذاك اليقره بفن وذوق وخبره وحرفه/ ذيچ التنشد دوم اعلى الابراج/ ذيچ تحب الاسم المعروف الوهاج/ ذيچ التسأل عن الشعر الغزلي).

والمبدع يختارُ المؤلفات القريبة من روحه التواقة للخلاص، من القيود والتعب والممنوع والكراهية والإسفاف، وما يفرض عليها قسراً تنساه الذاكرة، لأنها لا تؤمن به ولا يجمعها معه تعاطف، والشيء الذي تحبه النفس لا يزول ولا يمحى، أو يتلاشى بتقادم الأعوام، والدليل الكثير من الأشعار والحكم والأغاني التي حفظناها من زمن الطفولة بشوقٍ عارمٍ، لا زالت تسكن في الرأس مثل ذكرى غالية، والكتب المدرسيَّة لا نتذكر منها سوى 

العناوين:

(مو ديكور الكتب بنص الغرفة/ الهن معنى والهن قيمة والهن عفة/ وسط الوادم چانت تضحك اجمل شفة/ نص الدار اتلاگينه ويا محله الصدفة/ چانت تطلب كتب الوردي/ آخر نسخة انباعت عندي/ گالت ادفع كل ما رايد/ ضعف المبلغ انطي وزايد/ شوف الناس وشوف الحب وشوف اللهفة/ شوف الود الدايم لحروف الأوراق الأزلي).

الكتب هويَّة الكائن البشري، وربما تنعكسُ الرؤى على ملامح الوجوه، فمن يتابع الإصدارات النقديَّة تراه يغردُ خارجَ المألوف، ومن يشتري السلسلة الوجوديَّة، تشعر به من القلق الذي يحاصر ذاته الكئيبة، ومن يميل الى الرومانسيَّة، يكون أنيق الشكل والثياب والطلعة والحضور، ويعيشُ في عالمٍ من التفاؤل، والعطور والهدايا والأماني، والشخص كلما تنوعت اختياراته يحسُّ بالسعادة والهدوء والهناء، ونسيان الحاضر مهما كان مرَّاً، وبإمكانه التحليق بجنحٍ من الريش الزاهي الشفيف، في سماءٍ جديدة من الوجد والإلهام والصبابة:

(بين المطبوعات الحلوة وما بين الإعلان/ فاحت بين الوادم چن شتلة ريحان/ شسمچ گالت اسمي افيان/ جيت الاهلي من اليونان/ شيعجبچ گلت الهه احچيلي/ گالت اله كتاب يشارك سهرة ليلي/ شرط الكاتب من اهل العرفان/ گالت اقره واقره اهواي/ عن العطش وعن الجوع وعن الحب وعن الماي/ اقره الأهل البيت واقره الكل معتزلي).