الشرطة والخلطة السحرية

علوم وتكنلوجيا 2024/09/19
...

علي حنون



كَثُرَ الحديث حول النتيجة التي انتهت إليها دقائق المُواجهة التي خاضها مُمثل الكرة العراقية فريق الشرطة مع نظيره النصر السعودي، في إطار منافسات النُخبة الآسيوية، فهناك من وصفها بالتعثر كون المباراة جرت في ملعب الشرطة وبين جمهوره، وآخرون اعتبروها نتيجة منطقية عطفا على مكانة الفريق السعودي، الذي تحتضن تشكيلته ثلة من المُحترفين المُميزين، وقبل الخوض بالنتيجة، فإن الأمر الأهم، الذي كانت تنتظره منظومة وجماهير كرتنا الوطنية قد تحقق، بعدما نجح الجميع في كتابة رسالة جميلة ممهورة بتنظيم جيد ومُؤازرة مثالية كانت في نهاية المباراة محط ثناء الأصدقاء.

وعودة إلى النتيجة، التي جاءت عنوانا لختام المباراة، فإن القيثارة قدمت فيها فاصلة جميلة وظهر لاعبونا في دقائق منها بصورة جيدة، وهم وإن لم يحافظوا على ذات مستوى الأداء في أغلب الدقائق، إلا أنهم وفقوا في تهديد مرمى النصر في عديد مشاريع التهديف، فضلا عن تحييدهم لنجوم الفريق السعودي في المحاولات التي أرادوا فيها إخطار مرمى الشرطة، ولا يجب أن نذهب إلى حدود بعيدة ننسى فيها أن فريقنا واجه في هذه المقابلة فريقا عالميا مُتخما بالنجوم المُتمكّنة فنيا وترتكز في عطائها على الخبرة الدولية، لذلك على من يركن إلى رأي يُؤشر فيه إخفاق القيثارة أن يأخذ بنظر الاعتبار اسم نادي النصر، الذي تعدت سمعته حدود القارة الصفراء.

وباعتقادنا أن القول الأصح هو أن الشرطة كسب نقطة ثمينة وخسر النصر نقاطا أثمن عطفا على القيمة الفنية وخبرة لاعبي الفريقين، وبما أنه في مباريات من هذه الشاكلة الفنية، ليست الأرض عامل مُؤازرة كبيرا دائما، ولا حتى تواجد الجمهور، لأن هذا السلاح في بعض الأحيان يُشكل عامل ضغط على الفريق المضيّف، ما يجعل الفريق الضيف يستغله لصالحه، وهذه تحدث في فعالية مثل كرة القدم، لذلك فالأمر الوحيد الذي يُعتد به هو جودة أداء اللاعبين وارتفاع مُؤشر انضباطهم (التكتيكي) لإصابة التوفيق وتحقيق التميّز، ونعي أن فريق الشرطة كان يُمكن أن يغيّر النتيجة إلى أفضل من ذلك، لاسيما أنه أدرك مع تقدم زمن المقابلة، أن ضيفه ليس صعب الاجتياز، لكون حسابات كرة القدم لا تخضع لمكانة الفريق ونوعية اللاعبين، بقدر منحها الولاء لمن يُثابر ويجتهد طيلة دقائق اللقاء، إلا أن النتيجة سجلت للقيثارة عزفا جميلا سيكون زادها في المباريات القادمة.

الذي نَخلص إليه، هو أن جمالية كرة القدم تطل علينا من باحة عدم الاعتراف بمنطق مُعين، وأن الرؤية الفنية التي يضعها أي فريق طريقة للسير عليها وسبيلا للوصول من خلاله إلى بر النجاح، لا يُمكن أن تكون هي فاصلة الختام، وإنما تعتمد على درجة بذل الفريق وقدرته على استثمار الفرص الهجومية التي تُتاح أمام مرمى الفريق المُقابل، ويقينا هذه هي الخلطة السحرية لكرة القدم، التي نتمنى أن يستعين بها فريق الشرطة في محطاته القادمة.