شماعة مستهلكة

الرياضة 2024/09/24
...

خالد جاسم


تسربت إلى نفوس معظم مدربينا الكرويين الشباب منهم أو المخضرمين .. أصحاب الأسماء اللامعة أو المغمورة في المهنة الأصعب رياضياً وكروياً العديد من المفاهيم والأفكار التي لاتعكس ثقافة متحضرة في الرياضة كما لاتنتمي إلى أي أساس علمي أومصنفة في إطارموضوعي في دنيا التدريب .. وهذه المفاهيم كثيراً ماترتكز على الغيبيات أو تدخل في باب البدع والأحاجي التي غالباً مايرفضها المنطق ويلفظها العلم الصحيح ومنها رمي كرة الإخفاق والفشل في التدريب في ملعب الحظ وتحديداً الجانب المحزن أو الأسود فيه وهو السوء، أي بمعنى تعليق الفشل الفني على شماعة سوء الحظ .. وفي هذا الجانب كثيراً مانسمع ونقرأ ونشاهد مدربين يفترض أنهم ضالعون في المهنة ولديهم خزين ثرٍّ من الخبرة والاحترافية في التدريب وقد وضعوا كامل تبريرات عدم توفيقهم مع المنتخبات أوالفرق التي يتولون تدريبها في سلة سوء الحظ مع أن هنالك فارقاً كبيراً بالطبع بين عدم التوفيق وسوء الحظ، لأن عدم التوفيق يعني بمنتهى البساطة سوء تصرف أو تدبير في الميدان عبر استغلال فرصة ما أو بضعة فرص لهز شباك الخصوم وإحراز الأهداف ومن ثم اقتناص الفوز في الوقت الذي يعكس فيه مفهوم سوء الحظ أن هذا الصنف من المدربين قد وضع قدره وقدر فريقه تحت مطرقة حالة وهمية لاتنسجم مع العلم والمنطق الصحيح في عالم التدريب . واللافت هنا في هذه المسألة التي أضحت أشبه بالموضة التي تتجدد باستمرار مع منتخباتنا وفرقنا الكروية، إن هذا الصنف من المدربين يناقض نفسه كثيراً من دون أن يشعر عندما يلجأ إلى استخدام موضة سوء الحظ كبديل مفضل في تبرير فشله التدريبي. وكي ندعم كلامنا بالأمثلة الواقعية الجديدة حول هذا النوع من المدربين الذين لاتقتصر عدوى الإصابة بموضة سوء الحظ عليهم فقط بل تمتد لتشمل لاعبين وإداريين كذلك أن أحد المدربين في فريق جماهيري عريق عزا أسباب الإخفاقات التي لازمت فريقه في مباريات الدوري إلى عامل سوء الحظ مع أنه في تصريح آخر متزامن قال إن لاعبيه لم يحسنوا تطبيق الواجبات التكتيكية المطلوبة منهم كما أن بعضهم تقاعس في هذه الواجبات، وقد فات هذا المدرب أن كلا التبريرين مردودان عليه لأنه ببساطة شديدة ربما لايحسن توصيل ما يريد من أفكار تدريبية إلى لاعبيه أو أنه لايمتلك شخصية قوية تفرض على لاعبيه الانضباط التكتيكي المطلوب خصوصاً أن هذا المدرب اعترف بالفم الملآن أنه اختار لاعبيه واحداً واحداً، وأعدهم في أفضل صورة قبيل انطلاق الدوري من دون أن يركز حديثه بالطبع على سوء الحظ الذي لازم فريقه في هذه المباريات مع أنه أغفل الإشارة إلى حسن الحظ عندما بدأ فريقه يغادر محطة الإخفاق والتحق بقطار الانتصارات على سكة الدوري .. ومدرب آخر استقال من عمله كرر نفس معزوفة المدرب الذي أشرت إليه لكنه بالإضافة إلى تحميله اللاعبين مسؤولية عدم تطبيق الواجبات المناطة بهم وسوء هضمهم المفردات الخططية لكنه استخدم موضة سوء الحظ في تبرير استقالته وأضاف إليها عدم التوفيق أيضاً ..ومع دوران عجلة دوري المحترفين سوف نرى الكثير من تلك النماذج التدريبية وحتى الإدارية وهي تعلق الإخفاقات على شماعة الحظ ..