الكريستال.. اكتشاف انكليزي وتميّز فرنسي

فلكلور 2024/10/01
...

 الفوج: الصباح


مجموعة خدمة الملك لويس الـ18 المكونة من 160 قطعة كريستالية كانت أول طلبية يحصل عليها مصنع بكارا وهي امتداد لسلسلة طويلة من طلبيات قادة وملوك الدول، في نهاية القرن الـ17، وعن طريق الصدفة اكتشف الكريستال للمرة الأولى في إنجلترا بعد ما اضطرت معامل الزجاج إلى استخدام الفحم لتزويد الأفران بالوقود، بغية الاحتفاظ بخشب الغابات لبناء الأسطول البحري الملكي، الأمر الذي تسبب بتلوين الزجاج وإنتاج الكريستال الرصاصي، وهو عبارة عن زجاج تضاف إليه نسبة معينة من أكسيد الرصاص، مما يمنحه نقاء ولمعانا متلألئا وصوتا رنينيا لا مثيل له عند ملامسته.

شهرة الكريستال الواسعة التي نالها حتى أصبح رمزا للرفاهية على موائد وقصور الملوك، لم تكن دون خبرة ورش العمل الموجودة في جبال الفوج المهد التاريخي لصناعته في فرنسا.

 «باكارا» واحدة من شركات الكريستال الفرنسية الرائدة في قرية صغيرة تحمل ذات الاسم في منطقة اللورين شرقي فرنسا، في القرن الـ18 ادى إغلاق مصانع الملح في روزيير إلى ضربة اقتصادية للسكان، الذين وجدوا أنفسهم أمام مخزون من الخشب، الأمر الذي دفع أسقف ميتز إلى تقديم اقتراح للملك لويس الـ15 بإنشاء مصنع للزجاج الفكرة هذه ساهمت في الحد من استيراد الأواني الزجاجية الفنية، والتي كانت مكلفة للغاية ومطلوبة في جميع القصور الأوروبية، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي والمعرفة الفرنسية في هذا المجال، ولكن وقبل كل شيء التخلص من فائض الخشب بذكاء. كان الحرفيون يصنعون الزجاج والمرايا بشكل أساسي في العقود الأولى، وبعد انتهاء الحروب النابليونية وإعادة توزيع الأراضي وتحديدا في عام 1816 تم شراء مصانع الزجاج وتحولت إلى مصنع للكريستال،في العام 1823 تلقت «باكارا» أول طلبية ملكية من لويس الـ18 مكونة من 160 قطعة، لتمثل بذلك بداية سلسلة طويلة من التكليفات من قادة وملوك الدول حول العالم، ولا تزال مدينة باكارا الفرنسية تعيش على إيقاع صناعة

الكريستال.

ويمكن القول إن تاريخ المصنع الشهير لا يختلف كثيرا عن تاريخ الجمهورية الفرنسية، ففي الحربين العالميتين انخفض انتاج المصنع بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وقلة النشاط بسبب القصف، وقد تم تعويض أيادي الحرفيين الشباب حينها بالنساء و كبار السن الذين لم يستطيعون المشاركة في المعركة، وعلى الرغم من تلك العقبات فإن «باكارا» لم تغلق أبوابها ليوم

واحد.

ولا يزال هذا المصنع بنفس موقعه في لورين وهو يحتفظ بأكثر من 10 آلاف قطعة تراثية، وعلى الرغم من وجود الأساليب الفنية الحديثة والداخلة في الصناعات الكريستالية فان حرفيي المصنع الافضل في فرنسا والبالغ عددهم 13 لم يغيروا من طرق تحويل المادة الخام إلى كريستال فهم ملتزمون بالاعتماد على الذراعين والأفواه للنفخ في الزجاج والنقش وغيرها.