لم ترتق مباراة الزوراء والقوة الجوية المؤجلة الى مستواها المعهود كالذي شاهدنا في الدور نصف النهائي لمسابقة كأس العراق وجاءت رتيبة وبنسق واحد وبإيقاع ثابت طيلة شوطي اللقاء، والرهان على اللعب المباشر الى الامام والاعتماد على الكرات الهوائية والركلات الثابتة ولا شيء يذكر سوى ذلك ، وقد نجح الصقور في رد الاعتبار للنوارس وتحقيق الفوز بهدف وحيد جاء في الدقائق الأخيرة من الوقت الأصلي عبر المهاجم عماد محسن، لكن علينا التوقف عند الجوانب الدفاعية لكتيبة المدرب أيوب اوديشو والتي سبق الإشارة اليها في وقفة فنية سابقة، إذ عالج مدرب الجوية الثغرات السابقة بوضوح واستطاع بجدارة تأمين منظومة دفاعية فعالة مؤلفة من رباعي الخلف ( مؤيد العجان وعلي بهجت وسعد ناطق وسامح سعيد ) اضافة الى لاعبي الوسط (زاهر ميداني ومحمد علي عبود) مع تطبيق أسس الدفاع المثالي من حيث الضغط على حامل الكرة في وسط الملعب والتراجع الى الخلف وشغل المساحات التي يحاول مهاجمو النوارس الإفادة منها عبر التغطية المصاحبة لحالات قطع مسار الكرة او إيقاف مرور حامل الكرة اذ كان محمد رضا ، احمد جلال او عمر المنصوري وحرمانهم من فرصة التمرير بالإضافة الى تعزيز البلوك الدفاعي او الكتلة الدفاعية المتحركة بانسيابية عالية باتجاه الكرة والاهم من هذا وذاك لاحظنا جود التوازن الدفاعي لحظة الهجوم وخسارة الكرة في جميع اثلاث الملعب وهذا ما جعل الفريق الزوراء يعاني كثيراً في الحصول على الكرات في الزون المحصور ما بين قوس الجزاء ومنتصف الملعب بفضل الواجبات المتعددة للاعبي الجوية وتحشيد اقصى حد ممكن من الاستجابات البدنية والذهنية لحظة التعامل مع الكرات المرتدة.
فلسفة الجوية
راهن المدرب اوديشو على تحركات لاعبي الطرف ويليام سالمون في الجانب الايسر وإبراهيم بايش في جهة اليمين وشكلا خطورة نسبية على دفاعات الزوراء لاسيما سالمون الذي كان يحاول مهاجمة الدفاع بعد تغيير مركزه من الطرف الى العمق و تفعيل الهجمات التوغل والتخطي وعكس الكرات الى منطقة الجزاء الى حمادي احمد الذي أصيب في الدقيقة 24 وعوض مكانه عماد محسن أي ان طريقة لعب الجوية اعتمدت بشكل كبير على اللعب المباشر اما الى طرفي الملعب او الى عمق الجزاء ما أثر في فعالية محمد قاسم وزاهر ميداني ومحمد علي عبود الذين تحولوا فقط لاستلام الكرات المقطوعة من قبل دفاع الزوراء وعانى محمد قاسم من المراقبة الشديدة من صفاء هادي واحمد فاضل ولم يكن بمقدوره امداد المهاجمين بالكرات الخطرة بفضل المراقبة اولا وطريقة بناء الهجمات المتبعة في القوة الجوية ثانيا رغم نسبة الاستحواذ الجيدة طيلة وقت المباراة، بفضل التمركز والتراجع الواضح للاعبي الزوراء، بيد ان قاسم نشط في الشوط الثاني واستطاع استلام الكرات في الفراغ كذلك اجتهد كل من مؤيد العجان وسامح سعيد في الزيادة العددية طيلة شوطي المباراة لكن ادوارهما لم تكن بتلك الفعالية الساندة عند الهجوم واقتصرت فقط على ارسال الكرات الهوائية الى منطقة جزاء جلال حسن وبفضل تلك المنهجية تحقق هدف الفوز لعماد محسن بالإضافة الى الركلات الثابتة التي أراد استثمارها لكنها لم تشكل خطورة كبيرة على مرمى النوارس .
مشكلة الزوراء
الزوراء عانى في المباراة من مسألة اخراج الكرة السلس من مساحته وبناء اللعب المتسلسل عبر الكرات القصيرة التي كانت تقطع من قبل لاعبي الضيف، ولجأ أيضا الى الكرات الطويلة المتجهة الى دفاع الجوية من اجل تطوير الهجمات من قبل مهند عبد الرحيم ومحمد رضا والمنصوري وأخيرا علاء عباس الذي لعب في الشوط الثاني لكن تلك الكرات لم تكن خطرة بفضل الزيادة العددية في وسط الملعب كذلك لم نشاهد تلك التحولات السريعة ونقل الكرة الى طرفي الملعب أو لعب الكرات البينية المرسلة التي ميزته في لقاء الكأس الذي انتهى لصالحه بأربعة اهداف واكتفى الزورائيون أيضا بالكرات العالية المرسلة خلف المدافعين التي كانت تذهب الى الحارس محمد كاصد.
خلاصة الكلام
من خلال متابعتنا لمباريات الدوري لاسيما المواجهات الجماهيرية اتضح لنا بأنه لا يوجد ناد عراقي واحد يمكنه ان يقدم مستويات ثابتة خلال خمس مباريات متتالية ويلتزم بطريقة لعب تعد هويته في الأداء وبصمته في التحضير والبناء ويتحرك بإيقاع عال وبتكرارات متوالية و بجودة التطبيق، بل ان مستويات جميع الفرق متذبذبة، اليوم تقدم مباراة رائعة مكتملة الشروط ومن جميع النواحي الخططية وفي اللقاء الثاني يخفق في الحفاظ على تلك الصورة من الأداء وهذه هي ميزة المسابقة العراقية التي أصبحت مملة في أدوارها الأخيرة بسبب درجة الحرارة المرتفعة وطول فترة التباري بالإضافة الى غياب الحوافز المالية وان دوريات الدول المجاورة وبقية العالم وتوقفت وينعم اللاعبون في إجازة وراحة سلبية في حين ان لاعبينا لايزالون يلعبون وكأنهم يؤدون المواجهات كاسقاط فرض وليس استحقاقا.