العتبة الحسينية المقدسة: نقدم خدمات طبيَّة رصينة لجميع العراقيين

ريبورتاج 2024/10/20
...

  كربلاء: تيمور الشرهاني

تعد العتبة الحسينيَّة المقدسة واحدة من أهم المؤسسات الدينيَّة والاجتماعيَّة في العراق، إذ تسعى جاهدة لتقديم الدعم والمساعدة لجميع أبناء الشعب العراقي، من دون النظر إلى انتماءاتهم المذهبيَّة والقوميَّة وتعمل تحت توجيهات المرجعيَّة الدينيَّة العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، التي تؤكد أهميَّة دعم المحتاجين والمساهمة في تطوير المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنيَّة.
جريدة "الصباح" أجرت حواراً مع بعض رؤساء الأقسام فكانت محطتها الأولى مع مسؤول شعبة المُتابعة والخدمات الطبيَّة الحاج عباس الشوك الذي تحدث قائلاً: "العتبة الحسينيَّة المقدسة تمثل رمزاً للإنسانيَّة والعطاء كونها تلعب دوراً محورياً في تقديم المساعدات الإنسانيَّة التي تشمل مختلف فئات المجتمع العراقي، إذ يتجلى هذا العمل ضمن توجيهات المرجعيَّة الدينيَّة العليا المُتمثلة بالمتولي الشرعي، الشيخ عبد المهدي الكربلائي الذي يسعى إلى تلبيَّة احتياجات المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة".

دعمُ المجتمع
وأشار الشوك الى أنَّ "الخدمات التي تقدمها العتبة الحسينيَّة في دعم المجتمع تشمل مجالات متعددة، مثل توزيع المساعدات الماليَّة العينيَّة، وتقديم العلاج المجاني للمحتاجين وتعدُّ هذه الخدمات نقطة وضاءة في مواجهة التحديات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة التي تقف مانعاً أمام غالبيَّة أبناء الشعب العراقي وبفضل اهتمام القائمين على إدارة العتبة يتمكنُ الكثير من الأفراد والأسر من الحصول على المساعدة اللازمة في أوقات الأزمات وغيرها".
وبسؤاله عن دور الشيخ عبد المهدي الكربلائي في تقديم المساعدات، أجاب: "أنتم تعلمون جيداً المسؤوليَّة الشرعيَّة للشيخ عبد المهدي الكربلائي، إذ يحظى بدورٍ قياديٍ في تنظيم وتوجيه أنشطة المساعدة بحيث يعمل على متابعة جميع الطلبات والمعاملات بدقةٍ واهتمامٍ عاليين، الأمر الذي يسهمُ في تحقيق العدالة في توزيع المساعدات.. وتتضمن هذه الجهود الاستجابة السريعة لاحتياجات الناس، الأمر الذي يعكس انفتاح العتبة وحرصها على القضاء على الفقر والحرمان.
وبشأن التوجيهات السديدة للمرجعيَّة الدينيَّة العليا وتأثيرها في عملهم الخيري الذي يخدم المجتمع، قال: "تتسم توجيهات المرجعيَّة الدينيَّة بالنظرة الشموليَّة التي تهدف إلى تعزيز العمل الخيري والاجتماعي، فهي تحث على مساعدة الآخرين وتقديم الدعم لهم من دون النظر إلى خلفياتهم الثقافيَّة أو الدينيَّة أو القومية، لذا تؤثر هذه التوجيهات بشكلٍ مباشرٍ في أنشطة العتبة الحسينيَّة، الأمر الذي يعزز قيم التعاون والمشاركة في المجتمع، كما تسهمُ هذه السياسة في تقوية الروابط الاجتماعيَّة وتخفيف حدة الفوارق الاجتماعيَّة الموجودة".

خدمات مجانيَّة وعالية الجودة
تقدم المستشفيات التابعة للعتبة الحسينيَّة خدمات طبيَّة مجانية وعالية الجودة، إذ تهدف إلى معالجة الأمراض ومساعدة المحتاجين. كما تتضمن هذه البرامج توفير الأدوية والعلاجات اللازمة لكل من يحتاجها، وذلك بتمويلٍ مباشرٍ من العتبة الحسينيَّة المقدسة لذلك يعكس هذا الاستثمار في القطاع الصحي التزام العتبة بالحفاظ على صحة ورفاهية المجتمع، لا سيما في الظروف الصعبة التي يمرُّ بها العراق.
يضيف مسؤول شعبة المُتابعة والخدمات الطبيَّة الحاج عباس الشوك: تسهم المبادرات التي تنفذها العتبة الحسينيَّة في تعزيز الوحدة بين أبناء الشعب العراقي، إذ يتلقى الجميع الدعم والمساعدة بغض النظر عن هويتهم المذهبيَّة، وتُعزز هذه الجهود الشعور بالعدالة الاجتماعيَّة، ما يسمح للأفراد بالتعاون والعمل معاً من أجل التغلب على التحديات المشتركة وبذلك تسهم العتبة الحسينيَّة في تشكيل مجتمع متماسك وقادر على تجاوز الصعوبات وتحقيق التنمية".

الكل ينال استحقاقه
يَشرع الشيخ الكربلائي بتخفيض أجور الكليات والمستشفيات، كل هذا يتمُّ من خلال طابورٍ كبيرٍ، ولا توجد مواعيد مُسبقة أو مُنظمة، الكل ينال ما يناله من استحقاقٍ حال تقديمه للطلب، وهناك طلباتٌ أخرى تقدم من خلال المكتب الذي يشرف عليه إحسان الطائي الذي تحدث لـ"الصباح قائلاً: "هناك فريقُ عملٍ مُتكامل من إدارة وذاتيَّة متحركة وصادر ووارد، ننجز الطلبات حالاً بعد الإيعاز بالهامش وتدوينه من قبل المتولي، كلاً حسب ما تحتاجه حالته للنظر والبت بها بشكلٍ فوري. هذه الخدمة تستمر كل يوم بعد صلاة الظهر".
ولفت الطائي الى أنَّ "توجيهات المرجعيَّة الدينيَّة العليا ومن خلال الشيخ الكربلائي تسهمُ بتوجيه الجهود نحو تأمين المساعدة للمحتاجين، هذه التوجيهات تعدُّ مرجعاً مهمَّاً يضمن الاستمراريَّة والفاعليَّة في الخدمات المقدمة ومن خلال الالتزام بالمبادئ الإنسانيَّة، فضلاً عن أنَّه يتم تعزيز قيم التعاون والتضامن بين جميع شرائح المجتمع".
وعلى هامش الحديث تحدث مسؤول المكتبة في العتبة العباسيَّة المقدسة الشيح محمود الصافي عن دور الشيخ عبد المهدي الكربلائي بقوله: "يسعى دائماً إلى تعزيز التواصل المستمر مع المواطنين، إذ يتواجد يومياً في محراب الصلاة بعد انتهاء الفروض يتيح هذا اللقاء المباشر فرصة للمواطنين للتعبير عن احتياجاتهم ومطالبهم كما يسهم الشيخ الكربلائي بشكلٍ كبيرٍ في نشر الوعي بشأن أهميَّة التكافل الاجتماعي وتقديم العون للمحتاجين".

تحسين جودة الحياة
الشيح محمود الصافي، أكد أنَّ "العتبة الحسينيَّة المقدسة تسخر إمكانياتها لإنشاء مجموعة من المؤسسات الطبيَّة والتعليميَّة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والجامعات، هذه المؤسسات تلعب دوراً أساسياً في تحسين جودة الحياة وتعليم الأجيال المقبلة، كما أنَّ المعاهد التعليميَّة توفر بيئة مناسبة للتعلم، الأمر الذي يسهم في تطوير المهارات الفرديَّة والمجتمعيَّة".
وأشار الصافي في حديثه لـ"الصباح" الى أنَّ "البرامج الإنسانيَّة التي تديرها العتبة الحسينيَّة المقدسة تترك أثراً عميقاً في المجتمع العراقي، إذ تسهمُ هذه البرامج في بناء جسور التواصل بين مختلف الطوائف وتفكيك الحواجز الاجتماعيَّة من خلال نشر قيم التسامح والتضامن الوطني، فضلاً عن تتحقق أهداف تعزيز الهويَّة الإنسانيَّة المشتركة".
ولفت الى أنَّ "العتبة الحسينيَّة المقدسة تسعى إلى ترسيخ قيم التسامح والتضامن الوطني بين المواطنين.. هذه القيم لا تتعلق فقط بالمساعدات المقدمة، بل تمتد إلى تعزيز العلاقات الإنسانيَّة والأخلاقيَّة. من خلال هذه المبادئ، يصبح العمل الإنساني قيد التنفيذ نحو مجتمعٍ أكثر تلاحماً ووحدة".

استجابة فوريَّة وفعّالة
ليس كل المرضى يستطيعون الحصول على علاجهم في المستشفيات، فهناك أدوية غير متوفرة داخل هذه المستشفيات، فضلاً عن أنَّها إنْ توفرت في الصيديليات الخاصة فتكون غالية الثمن، وهناك حالات تتضمن أطفالاً وبالغين يحتاجون إلى رعاية طبيَّة تتنوع احتياجاتهم وتختلف من حالة إلى أخرى.
توجهنا بهذه الحقائق الى المنسق العام للشؤون الإنسانيَّة أحمد رضا الخفاجي، الذي أجاب قائلاً: "أنا بصفتي المنسق العام للشؤون الإنسانيَّة، أعمل على استقبال الحالات الطبيَّة يومياً، حيث نقدم الدعم والعلاج للأشخاص الذين لم يتمكنوا من الحصول على العلاج في المستشفيات الحكوميَّة هذه الحالات تتضمن الأطفال والبالغين الذين يحتاجون إلى رعاية طبيَّة خاصة تتنوع الاحتياجات وتختلف من حالة إلى أخرى، ما يتطلب منا الاستجابة الفوريَّة والفعّالة".
واستدرك الخفاجي: "تواجه المستشفيات العديد من التحديات، وهذا يؤدي إلى تأخير تقديم العلاج للمرضى، الامر الذي يزيدُ من معاناتهم فمعظم المرضى الذين نلتقي بهم يحتاجون إلى خدماتٍ عاجلة، ويتعذر عليهم الانتظار لفتراتٍ طويلة في المستشفيات الحكوميَّة".
ولفت في حديثه لـ"الصباح" الى أنَّ "مؤسسة وارث تقدم خدماتٍ طبيَّة مجانيَّة للأطفال، إذ يتمُّ تمويلها بالكامل من قبل العتبة الحسينيَّة المقدسة، في المتوسط تصل تكلفة رعاية الأطفال شهرياً إلى نحو مليون دولار، أي ما يعادل ملياراً ونصف المليار دينار عراقي.. هذه الخدمات تلبي احتياجات الأطفال الذين يعانون من ظروفٍ صحيَّة حرجة".
أما عن النظام الداعم للبالغين وتكاليف الخدمات لهم فأجاب: "بالنسبة للبالغين، فنقدم لهم خدماتٍ طبيَّة بأسعارٍ مدعومة تعتمدُ هذه الخدمة على مبدأ الاستدامة وعدم الربحيَّة؛ فهي تهدفُ إلى توفير الرعاية للجميع منها يتم تحديد الأسعار بحيث تبقى في متناول الأفراد الذين يحتاجون إلى مساعدة ماليَّة".
وبشأن المستشفيات غير الربحيَّة ودورها، فقال: "توجد المستشفيات غير الربحيَّة بهدف خدمة المجتمع وليس لتحقيق الربح هذه المؤسسات تلعب دوراً مهمَّاً في دعم النظام الصحي، وهي مكرسة لرعاية المرضى وتلبية احتياجاتهم الطبيَّة من خلال هذه المستشفيات يتم تقديم الخدمات لأبناء الشعب العراقي بكل أريحيَّة.

الدعم الطبي في المناسبات الدينيَّة
الخفاجي تحدث كذلك عن توفير الدعم الطبي بالنسبة للمبادرات والمناسبات الدينيَّة والوطنيَّة، مؤكداً أنَّ "العتبة الحسينيَّة تقوم بمبادرات مستمرة خلال المناسبات المُختلفة، بما في ذلك الزيارات المليونيَّة ووفيات الأئمة الأطهار عليهم السلام، إذ تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الوعي وتوفير الدعم الطبي لجميع المواطنين ويشمل ذلك الجهود التطوعيَّة والتبرعات لجعل الرعاية الصحيَّة متاحة للجميع".
وأكد أنَّ هناك "فريق رصد إلكتروني يومي يتابع المناشدات على القنوات الفضائيَّة ووسائل التواصل الاجتماعي وبهذا يتم تقديم إحصائيات شاملة عن الاحتياجات الطبيَّة بناءً على استجابة الجمهور، كل هذا يساعدنا على توصيل الخدمات إلى من يحتاجونها بشكلٍ أسرع وأكثر فعاليَّة".
وعن حجم الخدمات الطبيَّة المجانيَّة المُقدمة، يقول الخفاجي: "خدماتنا الطبيَّة المجانيَّة تُقدم شهرياً ما يعادل مليار دينار عراقي لمساعدة المواطنين بما في ذلك الأطفال الذين يتلقون الرعاية المجانيَّة، هذه الإحصائيات تعكس التزامنا بالتخفيف من معاناة المجتمع العراقي وتجسد جهودنا في تعزيز الصحة العامة، إذ نسعى دائماً لضمان أنَّ هذه الخدمات التي تصل إلى جميع من يحتاجونها، من دون تمييزٍ".
وأضاف "تتضمن الخدمات الطبيَّة المجانيَّة المقدمة للشعب العراقي برامج مخصصة لدعم الفئات الأكثر احتياجاً مثل مرضى السرطان ومرضى زراعة الكلى والأمراض المزمنة من خلالها يسعى مركز الإمام الحسن المجتبى لتقديم الرعاية الصحيَّة اللازمة، إذ يلعب دوراً كبيرا في هذا المجال، ومن خلال هذه المبادرات يتمكن المرضى من الحصول على الخدمات الطبيَّة من دون تحمل أي تكاليف ماليَّة، الأمر الذي يسهمُ في تخفيف معاناتهم الصحيَّة".

تعاون مشترك
يعدُّ مستشفى سفير الإمام الحسين، مثالًا على الشراكة بين القطاع الحكومي والعتبة الحسينيَّة المقدسة، إذ يجري يومياً من ثلاثين إلى أربعين عمليَّة مجانيَّة، الأمر الذي يشير إلى التزامه بتلبيَّة احتياجات المرضى.. الخفاجي أكد أن هناك "شراكة بين القطاع الحكومي والعتبة الحسينيَّة المقدسة، إذ يتمثل التعاون في إقامة مستشفى سفير الإمام الحسين، بإجراء من ثلاثين إلى أربعين عمليَّة مجانيَّة ما يشير إلى التزامه بتلبيَّة احتياجات المرضى، إذ تُشير الإحصائيات إلى أنَّ العدد الشهري للعمليات المجانيَّة لا يقل عن ألف عمليَّة، ما يعكس الجهد المستمر لتقديم خدمات صحيَّة عالية الجودة كما تسهم هذه الخدمات الصحيَّة في تعزيز الروح المعنويَّة للمواطنين وتحسين حياتهم اليوميَّة".