أدلَّة جديدة على وجود قوة خامسة في الطبيعة

علوم وتكنلوجيا 2024/10/20
...

 إريك رالز
 ترجمة: شيماء ميران

في العام الماضي، نجحت مهمة "أوزيريس ريكس" التابعة لوكالة ناسا في أخذ عينة من غبار وصخور من الكويكب "بينو" القريب من الأرض. وتوفر هذه العينة رؤى مهمة جداً في الكون، كما تقدم البيانات التي جمعتها المهمة فرصة لاستكشاف مجالات جديدة من الفيزياء.
استخدم فريق البحث بقيادة "يو داي تساي"، عالم الفيزياء الفلكية في مختبر لوس الاموس الوطني (LANL)، بيانات تتبع بينو للتحقق من وجود قوة كونيَّة خامسة
محتملة.
يقول "تساي": "إنَّ البيانات التي نراها من تتبع (بينو) تشير الى احتمالية الإضافة الى فهمنا للأسس النظرية للكون، ما قد يؤدي الى تجديد فهمنا للنموذج القياسي للفيزياء والجاذبية والمادة المظلمة. وتميز مسارات الأجسام بالشذوذ قد يكون مفيداً في اكتشاف فيزياء جديدة".

تتبع كويكبات قريبة من الأرض
نظراً للتداعيات المحتملة للحماية الكوكبيَّة، تتمُّ مراقبة الكويكبات القريبة من الأرض عن كثبٍ مثل "بينو". استفاد الفريق من بيانات التتبع التي تمَّ جمعها قبل وأثناء مهمَّة "أوزيريس ريكس" للتحقيق في امتدادات النموذج القياسي للفيزياء، والذي يفسر اليوم ثلاث قوى أساسية معروفة للكون.
لقد ساعدت البيانات الفلكية الضوئية والرادارية منذ اكتشاف "بينو" عام 1999، في تحسين مساره بدقة. واضافت المهمة بيانات تتبع الملاحة الضوئية والقياسية للنطاق X.
يقول "ساني فاجنوزي"، أستاذ مساعد في جامعة ترينتو: "إن العقبات المحددة التي توصلنا إليها تترجمُ بسهولة إحدى أكثر العقبات تحديداً على الأطلاق على وجود قوى خامسة من نوع (يوكاوا). وتسلط هذه النتائج الضوء على إمكانية تتبع الكويكبات كأداة قيمة في البحث عن بوزونات خفيفة للغاية، والمادة المظلمة والعديد من الامتدادات ذات الدوافع الجيدة للنموذج القياسي".

إمكانية وجود قوة خامسة
يتشكل مسار الجسم السماوي مثل الكويكب بواسطة الجاذبية وقوى أخرى، وفهم هذه المسارات قد يكشف عن ألغازٍ، لا سيما  عند وجود الشذوذ. فعلى سبيل المثال، سابقاً تمَّ استنتاج وجود "نبتون" من المخالفات في مدار اورانوس قبل ملاحظة "نبتون" بشكلٍ
مباشر.
ومن خلال تحليل مسار "بينو" وتطوير النماذج المقابلة، وضع الفريق محدداتٍ على إمكانية وجود قوة أساسيَّة خامسة ودور جسيم وسيط محتمل، مثل "بوزون" خفيف للغاية، في تلك القوة.
يمكن لجسيم وسيط يعمل على قوة خامسة أنْ يغير مدار كويكب مثل "بينو"، لذلك تحليل بيانات التتبع هذه مهمٌ لأبحاث الفيزياء.

المادة المظلمة
يمكن لجسيمٍ جديدٍ خفيفٍ جداً مثل "بوزون" أنْ يوسع النموذج القياسي ليشمل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وهما ظاهرتان اقترحتهما بقوة الملاحظات الكونية والفيزيائية الفلكية لكنْ لم يتم دمجهما نظرياً
بعد.
بينما يُعتقد أنَّ المادة المظلمة تشكل 85 بالمئة تقريباً من إجمالي مادة الكون، لكن لا يزال العلماء يفتقرون الى فهمٍ ملموسٍ للجسيمات والقوى التي تشكلها.
استكشف "تساي" وفريقه العام الماضي ولأول مرة فكرة استخدام تتبع الكويكبات للتحقق في فيزياء القوة الخامسة في بحث نُشر في مجلة "علم الكونيات وفيزياء الجسيمات
الفلكية".
واليوم، بعد عملهم على الكويكب "بينو" يخططون لمواصلة البحث مع الكويكب "أبوفيس"، والذي سيقترب من الأرض عشرين ألف ميلٍ عام 2029. ومن المقرر أنْ تقترب مركبة الفضاء "أوزيريس ريكس" التابعة لوكالة ناسا منه أثناء هذا الاقتراب وتثير
الغبار.
ستوفر الملاحظات التي ترصد تأثير جاذبية الأرض في "أبوفيس" أثناء مروره المزيد من البيانات للمساعدة في البحث عن أدلة على فيزياء القوة الخامسة.

استكشاف أساسي في الفيزياء
كما سيستكشف فريق البحث مستقبلاً استخدام تقنيات الكم الفضائيَّة والمهام الفضائيَّة المخصصة لتحسين دقة التتبع أو البحث المباشر عن المادة المظلمة.
يمكن أنْ تعملَ هذه الابتكارات على تعزيز دقة القياس بشكلٍ كبيرٍ ودعم الجهود المبذولة للتحقيق في التأثيرات الجاذبيَّة الدقيقة التي قد تكشف عن وجود جسيمات أو قوى جديدة.
ما قد يمهد الطريق أمام تحقيق اختراقات مستقبليَّة، بالتزامن مع مواصلة العلماء في استكشاف القوى الأساسية التي تحكم
الكون.
يمثل هذا البحث خطوة مهمَّة في الاستفادة من بيانات تتبع الكويكبات لاستكشاف الأسئلة الأساسية في الفيزياء، إذ يقدم منهجاً جديداً للتحقيق في القوى والجسيمات الخفية في
الكون.
عن موقع earth.com