قاسم موزان
تصوير: علي قاسم
تحرص سياسات الشركات التجارية على استهداف رغبات المستهلك وتوجهاته النفسية والاقتصادية بطرح مزيد من منتوجاتها، وفي قراءة واعية لحاجة السوق أو ابتكار أخرى تتسم بالغرابة احيانا، ويجد المواطن نفسه منقادا لا إراديا الى الشراء الغريزي لتبضع الحاجات وهو في غنى عنها، وأحيانا لا تشكل قيمة مضافة، ويعلل البعض انغماسه في اقتناء الأشياء الى رغبات مكبوتة، ومشاهدة الإعلانات الممولة، التي تبثها الشركات عبر وسائل التواصل، بوجود تخفيضات على سلعها، ما يضعف إرادة الفرد أمامها.
ويرى البعض الآخر أنها فرصة لإبعاد شبح الحزن، وتغيير النمط اليومي المتكرر، وبعث السعادة للمتبضع بوصفه علاجا نفسيا، ويأخذ التسوق طابعا مبالغا فيه إلى التباهي والتفاخر في الأوساط الاجتماعية، بهذه التفاصيل وغيرها تتم تنمية الغريزة البشرية، وفق استراتيجية مدروسة.
شراءٌ قهري
وما يطلق عليه (الشراء بدافع الغريزة) يسميه السايكولوجيون بـ(الشراء القهري) ، وبهذا المصطلح ابتدأ أ.د. قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية حديثه، بأن الأفراد المصابين باضطراب الشراء القهري يشعرون بالتوتر والقلق، فيعمدون لا شعوريا إلى خفضه أو تخفيفه عن طريق التسوق، ويستمتعون بشراء السلع الاستهلاكية.
يضيف صالح، لكن هذه المتعة أو الارتياح تتجه نحو نزعة التملك، وتصبح هدفا رئيسياً للفرد ومؤشرًا لنجاحه، وسعادته، ووسيلة لتقديم ذاته من الجانب السيكولوجي. اما من الجانب العلمي وعلميا تحدث عادة الشراء القهري نتيجة لمتغيرات نفسية، اجتماعية واقتصادية، فهي تتمثل في زيادة ضغوطات الفرد الناجمة عن التوتر والقلق وعدم القدرة على مواجهة المشكلات التي تدفعه الى الشراء الزائد، التي تمثل تعبيرا عن الحالة الانفعالية التي يعيشها، مستخدما دون أن يشعر استراتيجية التكيف السلبي لخفض الضغوط، كما أن لهذا النوع من الشراء هدفا آخر هو المباهاة أمام الآخرين.
اندفاع التسوق
من جانبها قالت د. هبة مجيد من شعبة البحث الاجتماعي/ جامعة النهرين، أن ما بين الماضي والحاضر نجد اختلافا كبيرا في إقبال الناس على الشراء، إذ إن أماكن الشراء في السابق كانت محدودة، بينما الآن هناك منافذ التسويق كثيرة، ويظهر ذلك في الشراء الالكتروني والشراء الواقعي، وقد تكون السلع ليست ذات أهمية.
واضافت مجيد، تعد النساء الأكثر اندفاعا للتسوق، إذ إن المرأة هي التي تتخذ الشراء وسيلة للترفيه والتخفيف من الضغط النفسي، وفي الغالب تكون هذه الحاجات ليست ذات حاجة لها، كما يظهر الدافع الغريزي، حينما نجد تخفيضات في أسعار السلع والبضائع.
ولفتت مجيد، إلى أن تنوع السلع والماركات والبراندات، هي التي أصبحت محل تباهٍ لمن يرتديها، حيث يشعر الشخص بالكمال النفسي والشكلي، ما يدفعه للشراء الغريزي دون الاكتراث إلى كم المبالغ المدفوعة مقابل ذلك.
فخ التسوق
الموظفة وسن فؤاد، تقول إن عملية التسوق تأتي غالبا للترفيه عن الذات وتجاوز النمط اليومي، لكن سرعان ما يقع الفرد في فخ الشراء من دون إرادته.
ولمحت، الى أن مغريات السلع والاعلان عنها تسهم في خلق اسباب جديدة لتقبلها، وأن الفرد في غنى عنها، ولا تشكل قيمة لديه، فتظهر علامات التأسي والندم على ما أضاعه من مال، لكنه بعد حين يعود للتسوق بالدافع الغريزي نفسه.
تعويض
تقول المهندسة أفنان قاسم، ليس الباعث الغريزي وحده الدافع الرئيس رغم سطوته على الذات في الشراء، بل إن هناك أسبابا أخرى مثل التخفيضات على السلع والعروض المغرية تشجع على الشراء، واضافت إنها تجد متعة في التجوال في المولات وخلق عالم آخر لنفسها، ولا شك أنه علاج نفسي للمزاج المتكرر، فضلا عن ذلك هناك حاجة تعويضية عن حرمان قديم يفرض نفسه للشراء.
المواطن همام خضر استغرب من البعض الذين يقترضون المال لغرض التسوق، لكون المعروض السلعي لفترة محدودة، لذا لا يمكن تفويت الفرصة، ولكونه منتوجا يحمل ماركات عالمية وزيادة في ارتفاع انفعال المتبضع، تحدد المتاجر زمن قصير للتخفيض، ما يعني التعجيل في الباعث الغريزي الشعور بالندم بالنسبة للفرد.