بغداد: سرور العلي
شغفت مروة حامد (26 عاماً)، بالرسم منذ سن صغيرة، لتقرر فيما بعد دراسة تخصص الفن التشكيلي في كلية الفنون الجميلة، إلا أن والدها كان له رأي آخر، إذ أصر على إكمال دراستها في كلية الحقوق، لتخضع لرغبته، وبين فترة وأخرى يراودها حلمها الذي لم تحققه، مثل كثيرين استسلموا لخيارات أسرهم وقراراتها.
ولفت الموظف سامي أمجد إلى أن تدخلات الأسرة بأبنائها في كثير من الأحيان تصب في مصلحتهم، وتوجيههم نحو اتخاذ القرارات الصحيحة، بعيداً عن التسرع والشعور بالندم لاحقاً، لا سيما مع زيادة نسب الطلاق في المحاكم اليوم، بسبب اختيارات الشباب الخاطئة، وانعدام الخبرة وعدم النضج الكافي لتحمل المسؤولية، ويبقى للأهل دور كبير في حياتهم، كونهم يمتلكون الخبرة والتجارب في الحياة.
وتخالفه الرأي الشابة رغد حسن، إذ ترى أن تلك التدخلات تجعل من الأبناء عديمي الثقة بأنفسهم، وضعفاء الشخصية، ومعتمدين على غيرهم في إدارة شؤونهم، ولا يتحملون المسؤولية، لذلك من الضروري أن يكون للأبناء رأي خاص بهم، وعدم فرضه عليهم.
وأشار الطالب الجامعي محمد الساعدي إلى أنه من المهم أن تناقش الأسرة خيارات أولادها، وتتجنب التعصب وتقدم النصائح بكل وضوح، والتوجيه والمساعدة بشكل دائم من دون تذمر، وترك حرية الاختيار لهم في النهاية. مضيفاً "هناك أسر ترغب بتحقيق طموحاتها وأحلامها عن طريق أبنائها، ما يسبب الضغط عليهم، لأن للأبناء أيضاً طموحاتهم التي يرغبون بتحقيقها، خاصة أن هناك مهناً وأعمالاً تحتاج إلى تفكير وإبداع، فكيف سيتم إنجازها إن كانت مفروضة عليهم؟". وتشكو الشابة نور حسين من زوجها، الذي تم اختياره من قبل أسرتها، كونه شخصاً كسولاً ومتعصباً، ولا يتحمل مسؤولية الإنفاق على البيت، ما يجعلها تفكر كثيراً في الانفصال عنه.
الباحث الاجتماعي ولي الخفاجي أوضح "في الحقيقة لا نستطيع أن نلغي تدخل الأهل، ولا نستطيع في الوقت ذاته إعطاءه المجال الواسع، فخطأ الشباب أن يعتمدوا على أسرهم في خياراتهم، كون الأهل دائماً يختارون على طريقتهم التقليدية وبحسب جيلهم، لكن المفاهيم اليوم ومع الحداثة والتطور اختلفت كثيراً، وعلى سبيل المثال في ما يتعلق بمسألة الزواج، فيجب أن يكون هناك توافق نفسي واقتصادي وثقافي، وكل تلك المسائل تسمى في علم النفس التوافق الاجتماعي، فالأسرة قد لا تشعر بهذه الجوانب، كونها إحساساً سيشعر به الشباب، وما زالت تلك القضية ترتكز على مزيج من التقليد والعادات المتوارثة من جيل لآخر، بمعنى أن الشاب لا يستطيع اختيار شريكة حياته بمفرده، إلا ما ندر اليوم، فيجب اشراك الأهل بهذا الخيار، وهذا نابع من العادات والتقاليد المعتاد عليها، باعتبار الأسرة العراقية مركبة وممتدة، وهو بقاؤه مع أسرته لحين الحصول على بيت مستقل، وحتى وإن نال ذلك، فيفضل البقاء مع أسرته فترة من الزمن وهذا تقليد متعارف عليه لدينا، وهناك أقوال كثيرة لعلماء الاجتماع، ومنهم قول شعبي للدكتور علي الوردي في كتابه (طبيعة المجتمع العراقي)، إذ يقول:"إن الشاب العراقي يحب على طريقة دون جوان، ويتزوج على طريقة حجي عليوي"، بما معناه أن التقاليد هي التي تسيطر على الشباب، إذ معظمهم اليوم لديهم علاقات في الجامعة والعمل وغيرها، وحين يقررون الزواج سيذهبون لأمهاتهم، لتختار لهم الزوجة التي تتناسب مع الأسرة، كونها ستعيش معهم.
وتابع الخفاجي لذلك برأيي ولطبيعة المجتمع العراقي ينبغي أن يعطي الشباب لأسرهم مساحة معينة، ليشتركوا معهم بالاختيار، لكي لا تحدث المشكلات والصراعات في المستقبل، وبهذا فإن الحلول الوسطية هي الناجحة لمثل هكذا مسائل مصيرية.