ثمة متلازمة صحيَّة ونفسيَّة تسمى متلازمة "الانسحاب من الحياة" أو "الاستقالة من الحياة" (Resignation Syndrome)، اكتشفها الأطباء النفسيون لدى أطفال طالبي اللجوء الى عددٍ من الدول الأوربيَّة كانوا يعانون من أعراض انسحابٍ تامٍ من النشاطات الحياتيَّة الأساسيَّة. وأدهش الأطباء أنهم وجدوا هؤلاء الأطفال يبدؤون من دون مقدمات في التوقف عن المشي والكلام وحتى القدرة على فتح أعينهم، وأنهم يدخلون في سباتٍ غير مفهومٍ قد يمتد لأشهر متواصلة.
ونتيجة لأنَّ الطفل المصاب بالمتلازمة ينصرفُ تماماً عن العيش بشكلٍ طبيعي ولا يفيق من سباته، يلجأ الأطباء في محاولاتهم لرعاية الحالة إلى استخدام أنبوب تغذية والعناية السريريَّة اليوميَّة لكي لا يختنق الطفل أو يصاب بالشلل نتيجة لعدم الحركة.
السبب هو "الصدمة"
يتفق الخبراء في عالم الطب وعلم النفس والصحة العقليَّة الذين عالجوا هؤلاء الأطفال على أنَّ الأحداث التي شاهدوها، مثل غرق مركبٍ يحمل لاجئين بينهم أطفال يرونهم يغرقون، تسبب لهم صدمة نفسيَّة شديدة تدفعهم إلى الانسحاب من العالم والدخول في هذا النوع من "الغيبوبة" اللاإراديَّة التي تعطل عقلهم الواعي من شدة الإجهاد النفسي.
وينبه المختصون بالصحة النفسيَّة الى أن الأطفال الأكثر ضعفاً وعرضةً للإصابة بمتلازمة " الانسحاب من الحياة" هم أولئك الذين شهدوا وقائع عنف شديد، أو الذين فرت أسرهم من بيئة غير آمنة للغاية مثل اللاجئين الفارين من مناطق الحروب والكوارث الطبيعيَّة وغيرها.
من المؤكد أنَّ الأطباء النفسيين في فلسطين مدركون لما حصل لأطفال غزة ويعرفون كيف يتعاملون معهم. ومؤكد أيضاً أنَّ زملاءنا الأطباء والاستشاريين النفسيين يعرفون كيف يتعاملون مع أطفال اخوتنا الذين لجؤوا الى العراق، لاسيما الى محافظتي النجف وكربلاء، بينهم من شهدوا بأعينهم ما فعلته صواريخ الكيان الصهيوني من مجازر قتلٍ وحشيَّة فأصيبوا بها، وإنَّنا حاضرون لتعاون (الصباح) معهم بما يخدم أهلنا اللبنانيين في وطنهم الثاني العراق.