بغداد: نوارة محمد
كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل حين لاحت لي واجهة إحد المقاهي في منطقة "العرصات" حيث تجلس مجموعة من الفتيات يتسامرن بمرح.
عدت في العاشرة من مساء اليوم التالي إلى المكان نفسه، ووجدت المقهى مزدحماً بالنساء من أعمار مختلفة وثمة حوارات لا تبدو عادية لي.
وتقول ريتا في العشرينيات من عمرها وتسكن بالقرب من المقهى إنها "تنتظر صديقاتها اللواتي يغادرن عملهن في العاشرة مساء. ثم يجلسن في المقهى إلى منتصف الليل". وتضيف ريتا بأن "المكان هادئ وليست فيه ازعاجات ونحن نجتمع هنا منذ أكثر من عام بسبب ساعات العمل المتأخرة".
عرفتني ريتا بصديقتها منى التي تكبرها بثلاثة أعوام وتهوى الرسم بشدة، وقد أرتني أعمالها على هاتفها النقال وكانت مدهشة.
تقول منى: أعمل في صالون لتجميل النساء إلى ساعة متأخرة، ثم أحضر إلى هنا للقاء الصديقات. المكان يمنحنا الأمان ونحن لدينا مشتركات كثيرة أغلبها فنية وفي المقهى نرجع إلى طبيعتنا ونناقش الكثير من القضايا التي تهمنا".
وتتابع: الوقت المتأخر غير مهم مادامت بيوتنا قريبة، وأحيانا ينضم إلينا أبي أو أخي، وقد اعتدنا الأمر خاصة أننا نباشر أعمالنا بعد الظهيرة.
ريتا عادت لتوضح أن "هذا الجانب من بغداد يسهر إلى ساعات متأخرة خاصة أن قرية دجلة لا تبعد كثيرا عنا، والناس هنا يتفهمون وجودنا الليلي، ولا نواجه أي ازعاج أو تطفل. إنها الطبيعة الحقيقة لبغداد التي غابت لسنوات قليلة وعادت اليوم لتكون آمنة وتشعرنا بالسعادة."
شكران مهتمة بالقراءة وتدوين الملاحظات كما تقول: أجلس هنا لساعتين أو أكثر ومعي كتاب ودفتر
ملاحظات. الهدوء وجودة الخدمة يشعراني بالاسترخاء. القهوة التي تقدم هنا جيدة جدا، والتعامل رائع. أشعر بالصفاء وأعود إلى البيت وأنا في أفضل حال.
منى تكلمت عن مفهوم الحريات قائلة:"هناك أمور كثيرة تتغير في بغداد وسقف الحريات يتسع وبات الناس أكثر تفهما من قبل، وفي كل الأحوال نحن نعمل ونمارس حياتنا بشكل طبيعي وهذا هو الأساس وبغداد تتطور وتأخذ استحقاقها المدني ونتطلع إلى المزيد من الحريات والأخاء والسلم المجتمعي".
سألتها: هل تجدين بغداد جميلة؟
أجابت منى: أجمل مدينة في العالم.