نسجُ السجاد.. فنٌ يتطلَّبُ الصبر

فلكلور 2024/10/29
...

 باكو: يارا محمود


يمتد تاريخ الحرف اليدوية لآلاف السنين، حيث تعكس ثقافات متنوعة ومهارات نادرة. مع مرور الوقت، تحولت تلك المهارات إلى هوايات واهتمامات شخصية، وأصبحت تستخدم لصنع الأدوات والملابس والمجوهرات والأعمال الفنية، ومما لا شك فيه أن صناعة السجاد هي واحدة من الحرف القليلة جدا، التي حافظت على الطريقة التقليدية واستعملها رواد هذه الحرفة منذ القدم، فما زالت النساء في القرى  يحوّلن الصوف يدويا بواسطة المغزل إلى خيوط،، ويعملن عليه لأيام وأسابيع وأحيانا لشهور، ليخرج بعد ذلك السجاد عالي الجودة والمتانة، بأشكاله المتناسقة، التي تنم عن مهارة خاصة ومعرفة وخبرة. قد وجد فن صناعة السجاد في جمهورية أذربيجان منذ العصر البرونزي، وقدم كثيرون من مؤرخي العالم القدامى أمثال هيرودوت وكلاودي أليان، وكسينفونت معلومات عن تطور صناعة السجاد في

أذربيجان. 

وفقا للنساجة برفانا  التي تعمل في هذا المجال منذ أعوام: “يتم نسج السجاد يدويًا دون استثناء في منطقتنا، جميع العمليات، من معالجة الصوف إلى الصباغة والنسيج، هي نتاج العمل اليدوي، نسج السجاد فن جميل ويتطلب الكثير من الصبر”. 

وأضافت: أتطلع إلى رؤية كيفية صنع كل سجادة، في كل نمط يبدو أن كل الحلقات الموجودة على السجادة تتحدث إليك، بعد الانتهاء من نسجها، أقوم بتصفيتها بكل فخر وإعجاب، لأنها نتاج عملي الخاص إن نسج السجاد ليس مجرد عملية تجارية، ولكنه أيضًا جزء مهم من الحياة والثقافة العائلية، كانت جدتي تقول دائمًا أن السجادة هي شرف وكرامة  العمل. 

وطبقا لخصائص السجاد الأذربيجاني الفنية، فإن للسجاد الاذربيجاني نوعين: ذات وبر وبدون وبر، ويعود تاريخ السجاد غير الموبر إلى عصور قديمة ويقسم هذا النوع من السجاد إلى سبعة أنواع: بالاز، وجيجيم، وكليم، وشدّة، ووارني، وزيلي،

وسوماخ. 

وقد استخدمت منتجات السجاد غير الموبر في الحياة اليومية الأذربيجانية قديما على نطاق واسع في العديد من الاستخدامات مثل سرج الحصان، والخيش، وأكياس الملح، وأغلفة أدوات المطبخ، والجوارب كما استُخدم كذلك السجاد الموبر في فرش أرضية

المنازل.

إن نسج السجاد ليس فنًا فحسب، بل هو أيضًا وسيلة للحفاظ على تراثنا الثقافي تحكي كل سجادة قصتها الخاصة، وتنقل تقاليد وقيم شعبنا من جيل إلى جيل هذا ما عبرت عنه صانعة السجاد إلبنيز وهي تمرر بأصابعها الرقيقة خيوطاً، لتتخلل خيوطاً أخرى طولية، تربطها في النهاية بعقدٍ محكمة، وتمشطها بعناية لتتراص إلى جوار بعضها بعضا في المنوال الذي وضعته في إحدى غرف

منزلها. 

نشأ شغف  إلبنيز بنسج السجاد في عائلتها، استمرت والدتها وأخواتها وخالاتها في تقليد جدتها، ووصفت كيف كانت ترى منذ صغرها والدتها وهي تنسج السجاد من خيوط الصوف وتزينه بالأصباغ الطبيعية، وحولت هذه الخيوط إلى سجادة جميلة، ومن خلال ملاحظة كل هذا، طورت شغفًا بفن نسج السجاد.

 واضافت الصناعات اليدوية ذات أهمية عالية في المجتمعات الحديثة، وتعكس الروح الإبداعية للأفراد وتساهم في تطوير المهارات الشخصية كما أنها تُعَدُ أيضاً وسيلة ممتازة للتخلص من التوتر وتعزيز

 الاسترخاء