علي غني
أنفقت (اقبال) ملايين الدنانيرِ العراقية، وعاشت عذابات الانتظار في المستشفيات، وذاقت لوعة البحث عن الادوية التي تحتاجها غالية الثمن، وبعد كل هذا العناء ماتت بسرطان الثدي، تاركة أطفالها عند جدتهم الكبيرة بالسن، ذلك المرض اللعين بات يحتل المرتبة الأولى بالسرطانات التي تصيب النساء العراقيات، فما هو سرطان الثدي؟، ومن هن النساء المعرضات للإصابة به؟، ولماذا يحتل المرتبة الاولى؟، وما نوع الحملة التي تقودها وزارة الصحة؟، رحلة لا بد من تسليط الضوء عليها، لأن فيها إنقاذا من موت محقق.
المرتبة الأولى
رقم مخيف ذكرته الدكتورة سرى ياسين مديرة شعبة الوقاية والكشف المبكر عن السرطان التابع لمكتب وزير الصحة (مجلس السرطان) بأن سرطان الثدي يحتل المرتبة الأولى بأنواع السرطانات في العراق، بنسبة تقدر بـ(36،1 ٪ ) من إجمالي عدد الحالات، فمن بين كل ثلاث نساء مصابات بالسرطان، هناك امرأة واحدة تشخص بسرطان الثدي، بحسب احصائيات وزارة الصحة العراقية، وهذا معناه أن من واجبنا الإنساني تشجيع جميع النساء للذهاب للفحص، وهذا ليس عيبا، وانما شجاعة كبيرة كما تقول الدكتورة (سرى)، التي ذهبت بعيدا حينما كشفت لي أرقامًا مادية محزنة أن علاج جلسة واحدة لامرأة مصابة بسرطان الثدي تم تشخيصها بنحو متأخر إلى (٧ آلاف دولار)، ناهيك عن انها تحتاج جرعة شهرية لمدة سنتين، وهذا يعني خسارة المريضة الواحدة ملايين الدنانير، ومن دون جدوى .
وتابعت الدكتورة سرى ياسين: في حين إذا تم تشخيص المرض بالمرحلة الاولى والثانية يحتاج إلى علاجات طفيفة، فضلا على الاستئصال الجراحي للكتلة فقط، وهذا يعني المحافظة على الثدي وتجنب
استئصاله بالكامل.
وصرت فضوليا لأسألها عن أسباب المرض وأكثر النساء المعرضات للإصابة بالمرض، لتجيب اما بيئية أو جينية، فالأسباب البيئية تقسم إلى أسباب قابلة للتغيير وأخرى غير قابلة للتغيير، فالقابلة للتغيير على سبيل المثال الأكل الصحي والرياضة وتجنب زيادة الوزن والتدخين واستخدام الأدوية الهرمونية.
وكشفت (ياسين)، ان بغداد تحتل المرتبة الاولى بهذا المرض الخبيث، وتأتي بعدها النجف وكربلاء واربيل، وأن أكثر النساء اللاتي يصيبهن المرض الأرامل والمطلقات.
وما الخطط لتحجيم هذا المرض؟، أجيبك بصراحة، إنه تم إعداد خطة استراتيجية لتوسعة الخدمات الصحية لبرنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي، اذ تم ادخال العيادات المتنقلة لإيصال الخدمات الصحية للنساء إلى جانب تشكيل (سيناريو) بديل عن العيادات الثابتة، في حال تعرض الأجهزة الطبية للعطل المؤقت مما يساعد في الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية في ايصال الخدمة الصحية للفئة المستهدفة للبرنامج (النساء 40 - 69)، ولا بد من ان أشير إلى أن جميع الفحوصات مجانا تتكفل بها وزارة الصحة.
ونوهت ياسين؛ بأن هناك برنامجا للكشف المبكر آخر للأمراض الخاضعة للمعايير العالمية للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم والقولون والبروستات والرئة.
حماية المجتمع
وعبرت الدكتورة شيماء صلاح الدين مديرة قسم شؤون المرأة وحقوق الإنسان في الوزارة بان: هذه الحملة هدفها حماية المجتمع والمحافظة على الأسرة، لان هذا المرض ممكن معالجته، إذا تم التشخيص المبكر له، وان السكوت عنه سيكلف الأسرة أعباء مالية كبيرة ويؤدي إلى تفكك الاسرة وتشرد الأطفال.
واضافت: أن جميع موظفات الوزارات العراقية، ومن ضمنها وزارة الصحة سيتم فحص النساء فيها بالتنسيق مع أقسام شؤون المرأة بالوزارات الأخرى.
حاجز الخوف
وحث المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور سيف البدر النساء على التوجه الفوري لمراكز الفحص وكسر حاجز الخوف للكشف عن سرطان الثدي منذ البداية، لأن المرض إذا وصل إلى المراحل المتقدمة يصعب علاجه، وهنا نود أن نشير إلى أن العلاج تتكفل به الوزارة، وهذه ميزة تحسب لوزارة الصحة.
سنةٌ كاملة
ويشرف وزير الصحة/ رئيس مجلس السرطان/ الدكتور صالح مهدي الحسناوي على حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، التي تستمر سنة كاملة عبر العيادات المتنقلة والثابتة، وحضرت (جريدة الصباح) افتتاح الحملة من قبل الوزير، الذي أكد أن وزارته أعطت الأولوية ضمن برنامجها الحكومي لمرضى الأورام ووسعت عمل المراكز التخصصية وتوفير الأدوية والأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية لمرض السرطان".
وإن الوزارة استخدمت ثلاث عجلات متطورة كل عجلة عبارة عن مستشفى تشخيصي ميداني متكامل"، منوها بأن "الحملة جرى تنفيذها من داخل وزارة الصحة لجميع الموظفات من عمر 40 الى 69 عاماً، ومن ثم يجري إعمامها على جميع وزارات الدولة والهيئات والمؤسسات الحكومية وتستمر طيلة الشهر الحالي".
واوضح الحسناوي، أن "الحملة يمكن أن تتوسع لتشمل جميع المناطق النائية والأطراف، ومن ثم تنطلق لجميع المحافظات".
السرطان الأول
وأعود إلى مديرة شعبة الوقاية والكشف المبكر عن السرطان سرى ياسين: لتقول إن "مجلس السرطان يصدر تقريراً سنوياً بالحالات المسجلة في العراق بكل تفاصيلها وأنواع السرطانات"، لافتة إلى، أن "سرطان الثدي تصدر إحصائية العشرة سرطانات الأكثر شيوعاً في العراق سنة 2019".
وأضافت أنه "في آخر تقرير سنوي في العام ذاته بلغ عدد الإصابات بسرطان الثدي 6959، مؤكدة "وجود 48 عيادة للكشف عن السرطانات منتشرة في بغداد وجميع المحافظات، بالإضافة إلى 31 مركزاً علاجياً للأورام في العراق عموماً".
حقائق وأرقام
تشير الدراسات إلى أن النساء يتقدمن الرجال في معدل الاصابات بمرض السرطان، وبين كل ثلاث اصابات للنساء تشخص واحدة بسرطان الثدي، كذلك ازدياد عدد الإصابات السنوية بين عامي 2005 و2016، وارتفاع كبير في نسبة اصابة النساء بالسرطان، مقارنة بالرجال (بحسب التقرير السنوي للتسجيل السرطاني للعام 2016 الذي أصدره مجلس السرطان في العراق)، لكن معدلات الاصابات الكلية بالأمراض السرطانية في العراق اقل من المعدلات العالمية.
ويرجح سبب ارتفاع الإصابات بالأمراض السرطانية إلى أسباب عدة بينها، التلوث الإشعاعي وقلة العناية والوعي الصحي لدى العراقيين (بحسب تقرير المرأة والرجل في العراق إحصاءات
تنموية لعام 2012).
الكشف المبكر
واعدت الدكتورة سناء عبد الرزاق منصور/ مسؤولة شعبة الوقاية والكشف المبكر/ مجلس السرطان/ وزارة الصحة، دراسة عن واقع برنامج الكشف المبكر عن أورام الثدي تطرقت فيها إلى الكشف المبكر عن أورام الثدي في العراق، لتقليل معدل الوفيات الناتجة عن سرطان الثدي، وخطة البرنامج وذكرت اسماء مراكز وعيادات الكشف المبكر عن أورام الثدي في عموم محافظات العراق، وما أنجزته شعبة الوقاية، والحملات التوعوية والفعاليات الخاصة ببرنامج الكشف المبكر عن أورام الثدي، وهذا يعني وزارة الصحة أولت الأمر أهمية كبيرة لتقليل الوفيات.