{يخلق من الشبه ألفاً} الموضة.. مقاييس واحدة للبحث عن الجمال

ريبورتاج 2024/11/04
...

 ذوالفقار يوسف

يقتفي علاء أثر زوجته ليلى، فقد أضاعها في زحمة "المول" الذي اكتظ بالناس، لم يستغرب علاء عدم إيجاده لزوجته بسرعة، بل إن ما أدهشه هو كلما دخل لمكان ما وجد شبيهة لها، في المقهى الموجود داخل "المول"، وداخل المطعم، وعند بائع الاكسسوارات، وحتى في تجمعات النساء عند محال بيع ملابس الأطفال.

تلعب الموضة عند العراقيين وبالتحديد النساء منهم دوراً مهماً في معيار الاندماج المجتمعي، فالملابس والملامح وحتى طرق الحديث والتواصل تنتشر عند الأغلبية كحقيقة لا مناص منها، فأنت غريب الأطوار، إذا تميزت بالاختلاف، المجتمعات الغربية هي الأخرى كان لها النصيب الأكبر كمسببة لهذا التغيير، فالتقليد واجب وضروري لكي نلحق بالتطور مهما تعددت صوره.


"Fish Lips"

وبينما تقلب مقاطع برنامج الـ"تيك توك" ستشاهد بلا شك العديد من الفتيات وهن يتخذن وضعية التصوير، ولكن هناك ما يشدك دائماً، وهو وجه الشبه بينهن، طريقة الحركة، أو الهاتف الذي يفضل عند بعضهن أن يكون من نوع الـ"اي فون"، وارتداء ملابس معينة تجعلها أكثر أنوثة من خلال تشابهها مع فنانة أو مطربة ما، ولكن ما يجذبك أكثر في هذا التشابه هو شكل الشفاه.

الدكتور أمير مراد وهو طبيب تجميل، يحاول أن يجد ما الذي تفضله المرأة عندما يتعلق الأمر بالتدخل الجراحي، فللشفاه الأولوية عندما يتطلب الأمر التغيير، فهو يؤكد أن "أغلب النساء يفضلن حقن الفلر، وهي مادة تحقن في داخل الشفاه لتجعلها مملوءة وجذابة، لكن هذه العملية تعتبر مؤقتة، لذلك تذهب بعض النساء لزم الشفاه جراحياً، وهو عبارة عن تنحيف أطراف الشفاه لكي تبرز الشفتان من الوسط وكأنهما مبتسمتان وممتلئتان دائماً، وهذا ما يزيدهن أنوثة وجاذبية، وقد قام الكثير من الفنانات العربيات والأميركيات بهذا النوع من التجميل، والذي يدعى بـ (فم السمكة) لذلك تراه أكثر رغبة من غيره من قبلهن".


القالب نفسه

وتطلق مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الأساليب التي تجذب بها المستخدم، وأول هذه الأساليب هو "الترند" وهو عبارة عن مقطع فيديو يعبر عن الأمور الرائجة والموضوعات الشائعة في مواقع التواصل الاجتماعي، أما ترند الملابس فهو يعبر عن انتشار نوع مشابه من الملابس يتخذه كل من يريد المضي بمشاركة هذا النوع من المقاطع، فيظهر الجميع بقالب واحد وهيئة مشابهة.

نور كريم (22 عاماً) كانت إحدى المشاركات في ترند "النمش"، لا تستغرب فظهور النمش على وجه الفتاة أصبح موضة رائجة، وإذا ما أردت المشاركة وترويج مقاطع حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي واكتساب الاعجابات، فلا بد لك من وضع النمش الصناعي على وجهك لتكوني كالأخريات، تقول نور: "إنها الموضة، هي من تحكمنا، وخصوصاً المراهقين منا، فالالتزام بالموضة في فترة ما هو تنفيس لنا عن حالة سيئة نمر بها، أو مزاج نريد أن نتخلص منه عبر لبس الأزياء المتنوعة والرائجة، فلا أتصور حياتي بدون معاصرة الجديد والرائج من الملابس، حتى أني وصديقاتي الأربع المفضلات لدي ارتدينا الملابس نفسها في إحدى المناسبات، ولم نخجل حينها، بل كنا مميزات في مظهرنا الجميل".


"هوليوود"

ولم تبتعد الموضة عن الرجل العراقي كما النساء، إذ كان له نصيب من هذا الاختلاف، ولكن بطريقة أخرى، فلعبة إلكترونية تظهر بها شخصية ممكن أن يقلدها الشاب العراقي في لبسه لبنطاله، أو وضع وشوم تشابه وشوم ذلك الفنان الأميركي في أفلام الأكشن، أحمد سالم (32 عاماً) هو الآخر قد اختار نوعاً آخر من الموضة المتداولة عند الفتيات والصبيان، فقد جمع مبلغ يصل إلى (500 دولار أميركي) لكي يحصل على ابتسامة هوليوود، كما سميت عند انتشارها في العراق، يحدثنا أحمد وهو يحاول قدر استطاعته أن يبرز لنا أسنانه الناصعة بالبياض الصناعي "لأنني أهوى التدخين كان لون أسناني يميل إلى الاصفرار وهذا ما جعلني أخجل كلما فتحت فمي، لذلك ذهبت إلى أحد أطباء الأسنان لغرض تنظيفها وتلميعها، وعند وصولي لعيادة الطبيب تفاجأت وأنا أجلس في ردهة الانتظار بأن العديد من الشباب ينتظرون دورهم لا لأجل معالجة أسنانهم، بل لاكتساب هذا النوع من الابتسامة، جلست مفكراً وأنا أحاول أن أقنع نفسي وأخوض التجربة كما بقية الشباب وهذا ما حصل، في البداية كان الأمر مخجلاً، فقد خلقني الله أسمر اللون".

تختلف الموضة في العراق باختلاف انتشارها ومدى تقبلها، ولا بد لنا أن نحدد كمجتمع له تاريخ من الثقافة مدى استقبالنا للموضة وتأثيراتها، فقد وجدت الايجابيات كما السلبيات، ومن الضروري ألا نكون منساقين نحو التقليد بجهل حتى لا تؤثر نتائجه في حياتنا الاجتماعية.