بغداد: سرور العلي
امتهن علي مردان الحسناوي تصنيع الماكنات الزراعيَّة التي تساعد على تدوير المخلفات النباتيَّة، لتحويلها إلى أسمدة عضويَّة (الكمبوست)، وهو في المرحلة الأولى بكلية العلوم، قسم البيئة في جامعة الكوفة، ومن سكنة منطقة ريفيَّة في ناحية العباسيَّة بمحافظة النجف، كذلك امتهن تربية النحل لأكثر من عشرين عاماً، وهو عضو اتحاد النحالين العرب، وناشطٌ بيئيٌ وشغوفٌ بالزراعة وإكثار النباتات، والأشجار الطبيَّة والرحيقيَّة لنحل العسل، وعضو جمعيَّة المليون شجرة.
وعن ذلك تحدث لـ"الصباح"، بالقول: "جاءت فكرة تصنيع الماكنات من خلال الحاجة لها، كون لديّ مزرعة كبيرة، تضمُّ أشجار النخيل، والنباتات الأخرى، فكنت أعاني من مشكلة تكديس المخلفات الناتجة عن الأشجار والمساحة الكبيرة المستغلة داخل المزرعة، وإمكانية تعرضها للحرائق، فقررت إعادة تدوير المخلفات والاستفادة منها، وإعادتها إلى الأرض".
ماكنات تدوير المخلفات
وأضاف "قمت بالبحث عن طريق شبكة الإنترنت حول ماكنات تدوير المخلفات، فوجدت ماكنة مناسبة لعملي، وقمت بتصنيها، لكنْ واجهتني صعوبات كثيرة، كون أنواع المخلفات تختلف من بلدٍ الى آخر، بحسب الطبيعة والمناخ وظروف أخرى، لكنْ بعد عدة محاولات، توصلت لحلولٍ مثاليَّة، ونجحت بتصنيع أول ماكنة للمزرعة، وقمت بعرضها في منصات التواصل، لتعم الفائدة، فنالت إعجاب الكثيرين، وبدأت أصنع وأبتكر ماكنات أكبر، وأكثر تطوراً من السابق".
الصعوبات التي واجهت الحسناوي كثيرة، ومنها نقص المواد الأوليَّة التي تدخل بصناعة الماكنات، من شفرات التقطيع، وعدم وجود مكانٍ مخصصٍ للتصنيع، وغياب الدعم من الجهات المختصة، وبالإصرار والعزيمة قام بتطوير عمله، وبناء منشآت العمل، وتم استيراد الشفرات، والقطع الأولية، لصناعة الماكنات بجهودٍ ذاتيَّة.
ويطمح بتأسيس شركة خاصَّة به، والتوسع بعمله أكثر، وتشغيل الإيادي العاملة من الشباب، لتصدير الماكنات إلى خارج العراق، كون الكثير من الدول تواصلت معه، من أجل الحصول عليها، لكنْ ليس لديه ترخيصٌ للآن.
وأشار الحسناوي الى أنَّ "عملية تدوير المخلفات النباتيَّة من الطرق البيئيَّة النافعه للنبات، وإلى إنشاء وتكاثر الكائنات الدقيقة في الأرض، وتزيد من خصوبتها، وحصول النبات على العناصر الكاملة، المساعدة على نشاطه ومقاومته للآفات الزراعيَّة، والأسمدة العضويَّة ستكون خالية من المواد الثقيلة، والمتبقيات الكيميائيَّة التي تترسب في التربة، وتنتقل إلى الثمار، ومن بعد ذلك تنتقل إلى المستهلك".
تدوير المخلفات النباتيَّة
ولفت إلى أنَّ "هنالك العديد من الماكنات، وتختلف الواحدة عن الأخرى بحسب نوع المخلفات وحجمها، وتدخل إلى الماكنة، فيتم تقطيعها إلى حجمٍ صغيرٍ، فتمرّ عبر غربال الأجزاء المقطعة، ومن ثم تدفعها إلى محرك الهواء فتندفع إلى خارج الماكنة، كما أنَّ هناك الكثير من الماكنات، التي تمَّ تصنيعها، لتدوير المخلفات النباتيَّة فقط، مثل التبن والجت وغيرها، وتعمل على محركٍ كهربائي وساحبة بحسب الحجم، ومنها تعمل على تقطيع المخلفات من الأشجار وسعف النخيل، ومنها تقطع جميع أنواع المخلفات النباتيَّة في ماكنة واحدة".
استطاع الحسناي بتمويل المكائن التي يقوم بصنعها للعديد من الجهات، لكثرة الطلب عليها ومنها، تجهيز الجامعات العراقية، ومن أبرزها جامعة دهوك في إقليم كردستان، وجامعة المستقبل في محافظة بابل، وجامعة السلام في بغداد، وأيضاً تمَّ تجهيز وزارة الزراعة العراقيَّة بها، وتمَّ تعميمها على أغلب الأقسام في المحافظات، كذلك تمَّ تجهيز مشاتل العتبة العباسية المقدسة في محافظة كربلاء بها، والكثير من المزارعين وأصحاب البساتين في عموم المحافظات العراقية، كما تم تمويل مشاريع الأسمدة العضوية في مديرية الزراعة بمحافظة النجف، وتم تجهيز شركات إلمانية مقيمة وتعمل داخل العراق.
وبشأن تفاصيل العمل الأخرى أوضح الحسناوي: "يستغرق تصنيع الماكنة بحسب الحجم والنوع، من أربعة أيام إلى عشرين يوماً".
استثمار الطاقات
ختم الحسناوي حديثه بالقول: "رسالتي للشباب العاطلين عن العمل، فأنا أحثهم على العمل، والبدء بمشروعٍ صغيرٍ وإمكانيات قليلة، واستثمار طاقاتهم بأشياءٍ مفيدة ونافعة للمجتمع، والسعي دائماً نحو الأفضل والأحدث، وعدم الاستماع للمحبطين من حولهم، لأنهم يوماً سيلجؤون لهم، حين يرون إبداعهم وتطورهم في العمل، ورسالتي الأخرى للمزارعين، بأنْ يستثمروا المخلفات الناتجة من مزارعهم، وتدويرها لتغنيهم عن استخدام الأسمدة الكيميائية التي تضرُّ التربة والنباتات والإنسان، كذلك تخلصهم من اليد العاملة والآفات والقوارض، التي تزداد عند تكدس المخلفات داخل المزرعة، وتسبب بقلة المساحة ونشوب الحرائق".