العراق يشهد أوسع وأدقَّ عمليةٍ للعدِّ السكاني
فريق العمل: بغداد: رلى واثق وشيماء رشيد وبتول الحسني
المحافظات: شروق ماهر وسندس عبد الوهاب وجنان الأسدي وحسين الكعبي
وصف المستشار الوطني للتعداد الدكتور مهدي العلاق، التعداد العام للسكان والمساكن الذي ينطلق غداً الأربعاء ويستمر حتى منتصف ليل الخميس، بأنه "أوسع" و"أدق" عملية عد سكاني في العراق، وبينما أكملت الجهات المختصة إجراءاتها لتنفيذ التعداد وفرض حظر التجوال بدءاً من منتصف ليل اليوم الثلاثاء؛ أعلنت وزارة النقل استمرار حركة المطارات والموانئ والنقل البحري خلال يومي حظر التجوال الذي يرافق التعداد العام للسكان.
تعداد تاريخي
وقال العلاق لـ"الصباح": إن "ملاكات العمل الميدانية ستنطلق يومي 20 و21 من هذا الشهر لتنفيذ أوسع عملية عدٍّ سكاني في تاريخ البلد بعد غياب دام 27 عاماً".
وأضاف، أن "التعداد سيكون إلكترونياً بامتياز، إذ سيستخدم العدَّاد جهازاً لوحياً لإدخال البيانات، وبعد التثبُّت من صحة البيانات واكتمالها يقوم بإرسالها إلى مركز البيانات بشكل مباشر، ولذلك يؤمل أن تكون النتائج سريعة وتدخل كل الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية في منظومة البيانات".
وبيّن العلاق، أن "جميع الإجراءات التقنية اكتملت، ولم يبق سوى تعامل الجمهور مع العدّادين باستقبالهم للقيام بملء بياناتهم وإرسالها إلى مركز البيانات، للانتهاء من غياب طويل للبيانات الرقمية، والتي ستكون متاحة لكل مؤسسات الدولة لما تتضمنه من نتائج أساسية وخصائص بشرية".
وأكد، أن "التعداد سيشهد تحولاً من الاستمارة الورقية التي كانت تستخدم في السابق إلى العدِّ الإلكتروني"، مشيراً إلى أن "هذا النوع من العدِّ معتمد في مصر والأردن والسعودية والمغرب وفلسطين ودول أخرى، ليكون العراق إلى جانب تلك الدول في التحول إلى العد الإلكتروني".
وأوضح، أن "ميزة التعداد الإلكتروني هو توفير نتائج دقيقة، والسرعة في إعلان النتائج"، منوهاً بأن "نتائج تعداد عام 1997 ظهرت بعد ثلاث سنوات من إجرائه، في حين ستظهر نتائج التعداد العام للسكان والمساكن الحالي بعد أقل من 3 أشهر، في حين أن النتائج الأولية ستظهر بعد مرور يومين أو ثلاثة".
وتابع، أن "التعليمات التي صدرت لجميع الباحثين هي زيارة المبنى أو الوحدة السكنية لثلاث مرات، مما يضمن الحصول على بيانات المواطنين في حال عدم تواجدهم في المنزل خلال المرات السابقة".
حقوق الإنسان
من جانبه، قال رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، في بيان تلقته "الصباح": إن "التعداد السكاني سيُسهم بمعرفة واقع حقوق الإنسان في العراق ومدى تمتع المواطن بها"، وبين أن "التعداد سيركز على تشخيص حاجات المحافظات والمدن من المستشفيات والمدارس والخدمات والطرق والجسور والبنى التحتية والسكن والمستوى المعاشي ومقدار دخل المواطن من الناتج القومي".
وتابع أن التعداد سيعطي لأول مرة مؤشرات حقيقية عن واقع حقوق الإنسان لكل مواطن، وماهي أولويات حقوق الإنسان لكل محافظة وكيفية الارتقاء بواقع حقوق الإنسان، عن طريق الخطط التنموية التي ستوضع لاحقاً". وطالب الغراوي "المواطنين بالمشاركة في هذا التعداد التاريخي واعتباره أحد الحقوق الأساسية لهم والتي يجب المدافعة عنها".
استمرار النقل الجوي والبحري
في غضون ذلك، أفادت وزارة النقل باستمرار قطاعي الموانئ والبحري بتنفيذ الارتباطات الدولية واستقبال وتوديع السفن والبواخر التجارية، إلى جانب استمرار حركة الطيران في جميع مطارات البلاد خلال أيام التعداد السكاني.
وقال مدير المكتب الإعلامي للوزارة، ميثم الصافي لـ"الصباح": إن "قطاعات الموانئ والبحري والنقل الجوي المتضمن عمل المطارات وتنفيذ الرحلات من قبل الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية وشركات الطيران الأخرى ستكون مستمرة بعملها، ضمن الجداول الزمنية المحددة للرحلات وفق آلية العمل المعتادة في مطارات البلاد".
وأشار، إلى أن "قطاع الموانئ سيستقبل ويودع السفن والبواخر التجارية القادمة من مختلف دول العالم دون أي توقف أو تأجيل، فيما ستنفذ الشركة العامة للنقل البحري جميع التزاماتها وارتباطاتها البحرية الدولية بشكل اعتيادي ووقف السياقات المعتمدة من قبلها، فضلاً عن استمرار الأعمال في مشاريع ميناء الفاو الكبير من قبل الشركات المنفذة خلال الحظر".
وأضاف الصافي، أن "بقية قطاعات النقل لم تتلقّ أي طلبات رسمية لغرض المساهمة في عملية التعداد السكاني، سيما في ما يتعلق بتأمين وسائط نقل لفرق باحثين التعداد، وستلتزم بضوابط الحظر والتعليمات الصادرة من قبل الجهات المعنية بهذا الحدث الوطني المهم"، منوهاً بأن "هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي ستقوم بنشر التقارير الجوية بشكل (آني) خلال الحظر ورصد جميع التغيُّرات الجوية خلال يومي الأربعاء والخميس".
الهجرة والنازحون
لجنة الهجرة والمهجرين النيابية، تعدُّ من الجهات التي تراقب عن كثب استعدادات الحكومة لإجراء التعداد السكاني في العراق، وقال عضو اللجنة شريف سليمان في حديث لـ"الصباح": "لا خلاف على أن التعداد عملية حضارية يحتاجها العراق بشكل ملحّ في هذه المرحلة، إذ يعتمد نجاح الخطط والبرامج المستقبلية على البيانات الدقيقة"، مبيناً أنه "على الرغم من المحاولات السابقة لإجراء التعداد منذ عام 2010، إلا أننا لم نتمكن من تحقيق ذلك، لكننا نشهد الآن جدِّية من الحكومة، ونتمنى لها التوفيق في تنفيذ هذا المشروع".وفي ما يتعلق بالنازحين، أكد سليمان على ضرورة شمولهم في التعداد، قائلاً: "تم التأكيد على احتساب النازحين ضمن مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها، لضمان عدم انتقاص حقوق المحافظات التي ينتمون إليها أو تلك التي يقيمون فيها حالياً، كما أن التعداد سيشمل غير العراقيين المقيمين في البلاد من مختلف الجنسيات والقوميات، لضمان توفير صورة شاملة ودقيقة للتركيبة السكانية في العراق".
النجف وكربلاء المقدستان
وكما في بغداد، تستعد المحافظات كافة لإتمام وتنفيذ عملية التعداد التاريخي على أتم وجه، ففي النجف الأشرف، أعلن المحافظ يوسف گناوي، أن "المحافظة تشرف بشكل كامل على عملية التعداد العام للسكان، بينما تشرف قيادة الشرطة على تطبيق حظر التجوال ليومي تنفيذ عملية التعداد".
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده المحافظ مع قائد شرطة النجف ومدير دائرة الإحصاء في المحافظة بحضور "الصباح"، حيث اعتذر گناوي عن استقبال الزائرين للمحافظة خلال اليومين المذكورين بسبب تنفيذ حظر التجوال، مبيناً أنه "سيتم إغلاق الوحدات الإدارية والأقضية والنواحي ومنع السفر فيما بينها أيضاً".
وأوضح گناوي، أن "هذا التعداد مهم جداً، لأن موازنة النجف الحالية تعتمد على البطاقة التموينية التي تقدر عدد السكان بمليون و 200 ألف نسمة، بينما إذا اتضح أن العدد أكبر فسوف تزداد تخصيصات الموازنة وتزداد معها المشاريع للمحافظة، كما سيحدد التعداد أي نقص تعاني منه المحافظة في مختلف القطاعات مثل التربية والصحة وغيرها".
من جانبه، أكد قائد شرطة النجف اللواء علاء جابر هاشم، أن "حظر التجوال سينفّذ بدقة وسيكون هناك حظر للسفر والتنقل ما بين المحافظات والأقضية والنواحي، مع التأكيد على تطبيق الحظر داخل المدن"، أما مدير إحصاء النجف حسام الدين أحمد الحميداوي، فقد قال إن "الإحصاء انطلق منذ يوم 15 في هذا الشهر، وهناك 4267 عدّاداً باشروا العمل في الميدان، إضافة إلى 1152 معاوناً ومديراً للإشراف الميداني على الباحثين"، موضحاً أن يوم 21 تشرين الثاني الجاري تتم المباشرة باستيفاء معلومات الأسرة من خلال البطاقة الموحدة، لذلك لابد من تواجد الكل يومي الأربعاء والخميس لكي لا نفقد شخصاً في التسجيل".
في الأثناء، أفادت الحكومة المحلية في محافظة كربلاء المقدسة بأنه تم توفير طائرات هليكوبتر لنقل الباحثين إلى المناطق الصحراوية البعيدة.
محافظ كربلاء المقدسة نصيف جاسم الخطابي، قال "الصباح": إنه "في الوقت الذي استنفرت فيه الحكومة المحلية جميع إمكانيتها لإنجاح عملية التعداد السكاني والمساكن العام؛ استثنت جميع الباحثين المشاركين في عملية التعداد من الـ10 نقاط التي اعتمدها لتوزيع قطع أراضٍ سكنية بين شرائح مختلفة"، مبيناً أن "هذا يأتي دعماً لهم ولأهمية الدور الذي يقدمونه للمحافظة".
وأكد الخطابي، أن "محافظة كربلاء المقدسة تعد من أكثر المحافظات التي عانت ولسنوات كثيرة من الظلم سواء في التخصيصات المالية أو الإدارية، لأنها في في السنوات الأخيرة شهدت زيادة في أعداد سكان المحافظة نتيجة لعمليات النزوح التي شهدتها بعض المحافظات، إلى جانب الأهمية الاقتصادية والدينية للمدينة التي جعلت منها محطة للاستقرار السكاني، مما يتطلب توفير خدمات وتخصيصات ماليه إضافية".
وبيّن، أن "هناك تنسيقاً عالياً بين قيادة عمليات كربلاء وغرفة العمليات للتعداد السكاني، إذ ستكون هناك فرق أمنية ترافق جميع الباحثين ضمان وصولهم لأبعد نقطة سكنية، حتى لو تطلَّب الأمر نقلهم بطائرة هليكوبتر ستكون مجهزة لنقلهم لاسيما أن هناك عدداً من الأسر تسكن في مناطق صحراوية قد يصعب الوصول إليهم بالمركبات"، مشيراً إلى أن "كل مواطن يسكن ضمن الرقعة الجغرافية وضمن حدود المحافظة سيتم جرده في عملية التعداد السكاني"، مطالباً "المواطنين الذين يحملون بطاقة سكن كربلاء ومسجلين ضمن البطاقة الموحدة للمحافظة، بالمكوث في كربلاء خلال يومي الحظر لضمان حصولهم على حقوقهم الإدارية".
استعدادات المحافظات
وفي نينوى، دعا المحافظ عبد القادر الدخيل، إلى ضرورة انخراط المواطنين في عملية التعداد السكاني التي انطلقت في المحافظة بهدف الإحصاء الفعلي لعدد السكان والوقوف على ظروفهم.
وأضاف الدخيل، أن "التعداد العام للسكان سيرسم مستقبل نينوى بشكل خاص، إذ سيمكن استحصال مبالغ التعويضات وفق الأعداد الصحيحة، والتي ستُسهم في النهوض بالمحافظة وفق خطط منتظمة ومنهجية بنّاءة"، داعياً "أهالي نينوى للمشاركة الفعالة في عملية التعداد، والتعاون مع فرق الباحثين، كمنطلق لمستقبل أكثر نهضةً وإشراقاً".
بدوره، عقد النائب الأول لمحافظ كركوك، ياوز حميد محمود رئيس غرفة العمليات، اجتماعاً ضم ممثل وزارة التخطيط أحمد خليل مدير عام الإدارية والمالية بالوزارة، وعدداً من المديرين والمختصين ضمن غرفة عمليات الإحصاء السكاني في كركوك الذين أكدوا العمل المشترك وتوحيد الجهود.
واستعرض المجتمعون أهداف التعداد ومنها تحسين التخطيط للخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية، وتوزيع الموارد بشكل متساوٍ بناءً على التوزيع السكاني وأهمية دعم العاملين بالتعداد وإسناد جهود الباحثين وعمل الإعلاميين ورسم الحلول بما يُسهم في نجاح التعداد .
وفي إقليم كردستان العراق، دعا محافظ أربيل، أوميد خوشناو في مؤتمر صحفي حضرته "الصباح": "مواطني المحافظة إلى ملازمة منازلهم في يوميّ غدٍ الأربعاء والخميس لاستقبال موظفي التعداد وتقديم التسهيلات لهم".
كما طالب خوشناو، "المواطنين المقيمين في أربيل بالعودة لمناطقهم الأصلية لضمان نجاح التعداد والخروج بإحصائيات دقيقة"، وأشار إلى أن "هذا التعداد مهم جداً في مختلف المجالات السياسية والقانونية والتنموية وتطوير المحافظات والتمثيل العادل لها في مجلس النواب الاتحادي وفي برلمان إقليم كردستان".
من جهته، دعا المدير العام لديوان وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، هيمن ميراني المواطنين في إقليم كردستان للمشاركة بفعالية في عملية التعداد السكاني، مشدداً على أهميتها في رسم مستقبل الإقليم والعراق. وأوضح، أن "الحركة التجارية والرحلات الجوية في المطارات مستمرة مع بقاء المخابز
مفتوحة".