فرنسا: غيث طلال
اقليم فرنسي متنوع لغويا وعرقيا ويتميز بموقعه الجغرافي المحاذي لالمانيا وسويسرا وبلجيكا ولوكسمبورغ وبغناه بالفحم الحجري، كان محل خلاف بين فرنسا وألمانيا ابان اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789، يقع الإقليم الذي أوجدته الإمبراطورية الالمانية عام 1871 في الشمال الشرقي من فرنسا وتحده من الجنوب سويسرا ومن الشمال لوكسمبورغ ومن الشرق نهر الراين الذي يمتد على مسافات طويلة في ألمانيا، ويتميز بتنوعه الثقافي والعرقي الكبير، إذ تقنطه مجموعات فرنسية وألمانية ونمساوية وأخرى من الروم أو الغجر، ولا يزال أصل التسمية غير معروف لتعدد الفرضيات بشأن أصله اللغوي، وبالتالي كثرة التأويلات بتعدد اللغات والعرقيات الموجودة في الإقليم.
وتعد مدينة ستراسبورغ أهم حواضر الألزاس واللورين ويوجد بها مقر البرلمان الأوروبي، وهي من المدن المهمة في الإقليم ، وهناك ايضا مدينتا ميلوز وبلفور، التي ينحدر منها السياسي الفرنسي جان بيير شوفنمان، كما يتميز الإقليم بتضاريس سهلية وجبلية وعدد من الغابات في الشمال توجد مرتفعات «سيندغو» المطلة على مدينة ميلوز والمتداخلة مع غابات «ليزاردين» التي توغل من خلالها الجيش الألماني إلى التراب الفرنسي عام 1940. وتتميز هذه المرتفعات بسهولة مسالكها واستواء أجزاء واسعة
منها.
ظلت منطقة الألزاس واللورين موضع نزاع مستدام بين ألمانيا وفرنسا، فقد احتلتها مملكة بروسيا في حرب 1870، وقال رئيس وزراء المملكة أوتو فون بسمارك حينها كلمته الشهيرة: «ستراسبورغ ستكون وستبقى مدينة ألمانية إلى الأبد»، وإثر ذلك أعلن الإقليم جزءا مما تُسمى في الأدبيات السياسية الفرنسية أراضي الإمبراطورية المفقودة، ويجد هذا النزاع أصوله في التداخل اللغوي والعرقي الكبير في المنطقة، فسكانها يتوزعون بين فرنسيين وألمان وسويسريين ونمساويين وغجر، وبالتالي ظلت بروسيا وبعدها ألمانيا تعتبر الألزاس جزءا من مجالها اللغوي والعرقي، فضلا عن تطلعاتها إلى معادن الفحم الحجري الغنية.
لكن الهوية الفرنسية للمنطقة قديمة، فسكان الألزاس (أو الألزاسيون) شاركوا بنشاط في الثورة الفرنسية، بل تقول بعض المصادر إنهم أول من لحن وغنى النشيد الوطني الفرنسي (لا مارسييز). وفي عام 1798 أعلنت جمهورية ميلوز التي كانت قائمة يومها في الإقليم الانضمام لفرنسا،وظلت قضية الألزاس مطروحة إلى أن استعادتها فرنسا في نهاية الحرب العالمية الاولى، لكن نزعة انفصالية ظلت قائمة في الإقليم إلى حين احتلاله من قبل ألمانيا عام 1940، وقد أجج التنكيل والاضطهاد الواسع النطاق الذي مارسته الشرطة السياسية الألمانية السرية التابعة إلى هتلر والتي كانت تسمى ( غستابو ) تعبئة شاملة مناهضة لألمانيا، فانخرط سكان الإقليم، بمن فيهم الجرمانيون، في مقاومة الاحتلال النازي، وعادت الألزاس واللورين إلى فرنسا عام 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية، وظلت جزءا من فرنسا منذ ذلك الحين.