«لافانكي».. رمزيَّةٌ عميقةٌ في الطهو الأذري

منصة 2024/12/17
...

 باكو: يارا محمود

في جنوب أذربيجان، وتحديدا في مدينة لانكران، أقيم مهرجان «لافانكي» الأول في أجواء ثقافية مميزة، تمزج بين الطبيعة الخلابة والإبداع الفني، هذا الحدث الذي جمع بين مختلف ألوان الثقافة الأذربيجانية كان بمثابة احتفال بالمطبخ التقليدي للبلاد، بما في ذلك طبق «لافانكي» الذي يحمل في طياته تاريخا طويلا من الأصالة والتقاليد، كان تنظيم المهرجان بمبادرة مشتركة بين إدارات الثقافة والشباب في لانكران، وبدعم من الجمعية الوطنية لفنون الطهو الأذربيجانية.
يمثل طبق «لافانكي» رمزًا للطهو التقليدي الأذربيجاني، حيث يعكس مهارة الأجداد وتقاليدهم الممتدة عبر الزمن. يتميز الطبق بتنوعه، إذ يُحضر بطريقتين رئيسيتين: إما باستخدام الدجاج أو السمك. يُحشى الدجاج أو السمك بمزيج من المكسرات المطحونة، البصل المكرمل، الرمان المجفف، والتوابل العطرية التي تمنحه طابعًا فريدًا.
وعن هذا الطبق، أوضحت الشيف إرادة عسكروف أن «لافانكي»، الذي يعني في لغته الأصلية «محشو البطن» يحمل رمزية عميقة في الطهو الأذربيجاني، وأشارت إلى أن أصل الكلمة يعود إلى الطريقة التي يُحشى بها المكون الأساسي، سواء كان دجاجًا أو سمكًا، وتعتبر التوابل مثل الكركم، الزعفران، والفلفل الأسود جزءًا أساسيًا من نكهة هذا الطبق، حيث توازن بين الحلاوة والحرارة. يتم طهيه بطرق متعددة، مثل الشواء أو الطهو في الفرن أو حتى على الفحم، وهو ما يعطيه طابعًا خاصًا في مذاقه. تُقدم هذه الوجبة مع خبز «لافاش» التقليدي أو الأرز المزخرف بالتوابل، وأضافت أن المهرجان أتاح فرصة للتعريف بمكونات الطبق وكيفية تقديمه بطرق مبتكرة، ما يعكس تطور المطبخ المحلي دون المساس بأصالته.

الفرح والإبداع
على الرغم من أن مهرجان «لافانكي» كان مخصصًا للاحتفاء بالطبق ذاته، إلا أن فعالياته امتدت لتشمل جوانب ثقافية أخرى تبرز التنوع الكبير في الفنون الأذربيجانية. شهد المهرجان عروض طهو حية، حيث أتيحت الفرصة للزوار لمشاهدة الطهاة، وهم يحضرون طبق «لافانكي» في الهواء الطلق، مما أضاف للحدث طابعًا تفاعليًا وممتعًا. وقد تمكّن الحضور من تعلم تفاصيل تحضير الطبق من الطهاة المبدعين الذين شاركوا في المهرجان، مما جعل التجربة أكثر امتاعًا وتثقيفًا. كانت هناك عروض فنية قدمها فنانون محليون، تضمنت موسيقى ورقصات شعبية عكست الجوانب المتنوعة للثقافة الأذربيجانية. كما تم تنظيم معارض فنية تسلط الضوء على فنون الحرف اليدوية والأزياء التقليدية، حيث أصبح المهرجان محطة ثقافية شاملة للجميع.

التراث الأذربيجاني
مهرجان «لافانكي» أكثر من مجرد احتفال بطبق تقليدي، بل يعتبر مناسبة للربط بين الماضي والحاضر. حيث أكد إياس علييف، المدير التنفيذي للمهرجان، أن هذه الفعالية تمثل فرصة ثمينة لتعزيز الهوية الثقافية لأذربيجان، من خلال استعراض واحد من الأطباق الرمزية التي تعكس تاريخ البلاد وتراثها. وأضاف أن التعاون بين مختلف الجهات المحلية كان له دور كبير في إنجاح المهرجان، مؤكدًا أن هذا الحدث يجب أن يصبح جزءًا من الثقافة السياحية الأذربيجانية.
ومن جانبها، أكدت المواطنة كولشان إبراهيموف على أهمية مثل هذه المهرجانات في تنشيط السياحة الداخلية، مشيرة إلى أن الأجواء الاحتفالية التي شهدها المهرجان تسلط الضوء على غنى الثقافة الأذربيجانية وجذب انتباه الزوار المحليين والدوليين. وأوضحت أن مثل هذه الفعاليات تعزز من فهم الأجيال الجديدة لأهمية التراث الثقافي وتاريخ أذربيجان.
خطوةٌ نحو العالمية
في إطار سعي أذربيجان لإبراز موروثها الثقافي على الصعيد العالمي، يطمح المنظمون إلى إدراج طبق «لافانكي» ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. يشكل المهرجان خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، حيث يُعتبر فرصة للتعريف بالعراقة الثقافية للمطبخ الأذربيجاني وتسليط الضوء على نكهاته الفريدة التي يمكن أن تنال التقدير الدولي.