اقتصاد التمور

اقتصادية 2024/12/17
...

وليد خالد الزيدي

حينما تأسست شركة تجارة التمور العراقية في البصرة عام (1952) والجمعية التعاونية لمنتجي تمور المنطقة الوسطى عام (1960) ثم هيئة التمور العراقية عام (1980) إنما كانت أهداف تلك المؤسسات تنظيم عملية زراعة محصول التمر وتعزيز أُطر إكثار أعداد نخيله في البلاد ثم تصديره بعد تصنيعه بشكل يتلاءم وذوق المستهلك في الداخل والخارج ويتناسب مع الطلب العالمي عليه لاسيما أن العراق يعدُّ تاريخياً من روّاد المنتجين والمصدِّرين للتمور ومن أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم فقد كان أول ظهور موثَّق لشجرة النخيل قديماً في مدينة أريدو التاريخية جنوب العراق منذ ستة آلاف عام وعنصراً أساسياً في النظام الغذائي في بلدنا وتنتشر زراعتها في (13) محافظة هي البصرة،ذيقار,ميسان،المثنى,واسط, الديوانية,كربلاء,النجف,بابل،بغداد,الأنبار، صلاح الدين وديالى.
كانت أعداد نخيل العراق بداية الخمسينات الماضية أكثر من(32)مليوناً كأول بلد في العالم إنتاجاً وبأجود أصناف هذا المحصول بلغ عددها أكثر من(600) نوع بينما تضاءلت أعدادها حتى مستوى النصف عام (2014)عندما بلغت (16) مليون نخلة وتراجع العراق إلى التصنيف الخامس عالمياً وذلك بسبب الحروب العبثية للنظام السابق والحصار وهجرة الفلاحين وتركهم بساتينهم في مختلف المناطق في حين ارتأت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية مؤخراً دعم المشاريع الاستثمارية خلال زيارة وفدها إلى وارشو عاصمة بولندا لبحث آليات سبل تعزيز التعاون معها في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة ومنها إنتاج وتصنيع التمور بوصفها مورداً اقتصادياً كبيراً وبرفقة لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية فمن شأن تلك الزيارة تعزيز التعاون مع هذا البلد وغيره في تضخيم حجم الإيرادات غير النفطية للعراق وتشجيع الشركات والمستثمرين على دخول السوق المحلية واستثمار الفرص الزراعية لاسيما في مجال تنظيم المعارض التجارية والترويج لمنتجات التمور العراقية التي تتميز بمذاقها الفريد وبقية المنتجات الأخرى بما يتلاءم مع التوجهات الحكومية لدعم القطاعات المختلفة كجزء من استراتيجية تنويع موارد الاقتصاد بدلاً من الاعتماد على المجال النفطي لوحده.
 وهنا لابد من التأكيد على أهمية تعزيز إجراءات وزارة التجارة من خلال الترويج للمنتجات الوطنية ومنها محاصيل التمور وتشجيع المشاركات في المؤتمرات والمعارض التي تُقام في العراق وخارجه وتسهيل إجراءات منح تأشيرات الدخول للمهتمين بإنتاج وتصنيع وتصدير هذا النوع من الإنتاج باعتباره غذاءً متكاملاً ودعم التعاون الاقتصادي والزراعي والصناعي بين العراق ومختلف البلدان كما لابد من تعزيز إجراءات الوزارة في هذا المجال والمتضمنة عدم منح الإجازات الخاصة باستيراد التمور من المناشئ الخارجية وذلك عطفاً على وفرة الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي واعتبار ما تم استيراده سابقاً من الخارج يقع ضمن الطرق غير القانونية ومن أجل تصويب تلك التصورات وإنجاح خطوات القائمين على هذا المحصول وتصنيعه يجب تعزيز تلك المهام وهذه الأعمال من خلال تأمين الأنواع الجيدة من التمور والعناية بها وإنتاجها وفق أحدث الأساليب وضمن مواصفات قياسية عراقية وعالمية وتحديث الخطوط الإنتاجية بشكل متكامل بما يتلاءم والطلب المحلي والأجنبي.
تنويع أصناف التمور واختيار الأفضل منها لتصنيعها وزجِّ الخبراء المختصين في تلك الأعمال لاسيما كبسها بعلب مختلفة الأحجام والأشكال وبطرق تكنولوجية متطورة وفي جزئية تجفيفها ونزع النوى من الثمرة وتبخيرها فضلاً عن تطبيق أنظمة الجودة العالمية(الأيزو) كفيلة بكسب ثقة الشركات والجهات المستوردة للتمورالعراقية المعروفة منذ عقود ماضية بجودتها ومذاقها فضلاً عن قيمتها الغذائية العالية.