يعقوب يوسف جبر
مضت أكثر من واحد وستين عاما على قيام النظام السوري المنهار الذي سقط وتهاوى تاركا بلدا محطما بسبب ما جرى فيه من تدخلات خارجية وصراع داخلي وسياسات قمعية مع مصادرة الحريات وقمع الشعب الذي دفع الثمن الغالي.
لكن هل سيبقى البلد محطما؟
أم أن هنالك خطة دولية محكمة ورصينة لاعادة إعماره واستقراره وإعادة السوريين اللاجئين والنازحين؟ لكي تستقر سوريا سياسيا وأمنيا فلن يتحقق ذلك الهدف الا بتأسيس نظام برلماني سياسي ديمقراطي يرتكز على دستور مدني رصين يضمن جميع الحريات والحقوق، ويكفل تداولا سلميا للسلطة بين كافة الاتجاهات والطوائف والقوميات والأقليا، وبغير هذا النظام لا يمكن ضمان استقرار سوريا سياسيا وأمنيا.
من البديهي أن هنالك اختلافا في الاتجاهات الايديولوجية بين القوى التي عارضت نظام الاسد وساهمت في اسقاطه فما هو السبيل لتقريب وجهات النظر بين هذه القوى المتضادة؟
من المنطقي إن السبيل الأمثل هو صياغة دستور مدني توافقي جديد قوامه الاعتدال. وبدون هذا الحل لا يمكن تصور أو حتى احتمال الاستقرار السياسي والأمني في سوريا.
اضافة إلى ذلك ومن خلال المعطيات وما يدور من أحداث وتحركات دبلوماسية ما بين الدول المؤثرة في الملف السوري وما أعربت عن استعدادها لدعم سوريا ماليا وسياسيا وما أبدته منظمة الامم المتحدة عن تقديمها لمساعدات مالية وسياسية لسوريا نفهم جيدا أن هنالك دعما دوليا غير محدود لإنجاح مشروع التحول الجديد في سوريا.
إذن هنالك متغيرات جذرية ستشهدها سوريا في المستقبل القريب لا تسهم فقط في إعادة بناء سوريا فقط، بل ستسهم في استقرار المنطقة امنيا وسياسيا.
اما ما يشاع في أوساط الرأي العام من ان هنالك تقسيما لسوريا فهو مجرد ضرب من الوهم والخيال، لأن التقسيم على افتراض وقوعه فإنه سيفضي إلى نشوب حرب أهلية طائفية في سوريا تنتقل آثارها إلى الدول المجاورة. حينئذ ستتوسع دائرة الحرب فتمس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة والعالم، وهذا ما لا تقبل به لأنها تنهج النهج البراغماتي النفعي، وتحرص على حماية مصالحها كيف لا وقد تمكنت من بسط نفوذها في سوريا.
الخلاصة إن مشروع سوريا الجديد بدأ فعليا وسيتحول إلى نموذج شرق أوسطي فاعل ومؤثر.