أ.د. عماد مكلف البدران
لا يخفى على أغلبنا مدى الأطماع الصّهيونيّة، لاسيّما المطّلع على تاريخ الكيان التوسّعي الذي بدأ مع احتلال فلسطين و موجات الهجرة اليهوديّة الأولى، إذ جاءتْ موجات من اليهود البسطاء مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، وتمكّنتْ خلسة وبدهاء وخفة من الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية وأوجدتْ لها كيانات كانت عبارة عن مستوطنات تحوّلت إلى نواة اقتصادية ثم سياسية، وقد اتّضحت الغاية مع صدور وعد من وزير خارجية بريطانية آرثر بلفور في 2 تشرين الثاني 1917،الذي أعلن عن دعم تأسيس (وطن قومي للشعب اليهوديّ) وبالتأكيد جاء لكسب يهود العالم ودعمهم لبريطانية وحلفائها في أثناء الحرب العالمية الأولى فضلاً عن إيجاد بؤرة للاستعمار الغربي وذراع لإرباك المنطقة وتهشيمها وتجزئتها وكذلك الاستفادة من المال الصهيوني، ولا سيّما بعد أن أسس اليهود الحركة الصّهيونيّة العالمية بقيادة ثيودور هيرتزل عام 1897 واصبح لها نفوذ عالمي واسع قائم على أساس الاستحواذ والهيمنة على الاقتصاد العالمي والتحكّم به، ومن ثَمَّ حقّقوا النفوذ السّياسيّ حينما صنعوا (لوبيات) تتحكّم في قرارات الدول العظمى وهكذا تأسست (إسرائيل) على أساس الاحتلال والابتلاع للأراض العربية، فقد نجحتْ باحتلال معظم الأراضي العربي عام 1948 وحصلتْ على اعتراف دولي بها وبتوسعها وأصبحت نهمة لتبتلع أراضي جديدة أثر نكسة العرب في حرب حزيران 1967 وانتصار (إسرائيل) الساحق، الذي احتل هضبة الجولان السّوريّة، وسيناء المصرية وغيرها من الأراضي العربية، وهنا أكدتْ (إسرائيل) أنها كيان توسعي، واليوم ومع سقوط النظام السّوريّ جاءت الفرصة للتوسّع وابتلاع اراضي سورية جديدة ولا نستبعد أنْ تحصل على اعتراف دولي بعد أن حصلت من ترامب الرئيس الأمريكي القادم على وعد بالاعتراف باحتلال الجولان، حينما غرد في 21 اذار 2024 مشيراً إلى إمكانية الاعتراف بسيادة (إسرائيل) على هذه الهضبة، وزيادة على ذلك توجد أسباب أخرى ربما تقف وراء التوسّع الصهيوني في الأراضي السّوريّة منها، أولاً: لتحسين شروط التفاوض مع الحكومة السّوريّة الجديدة فاحتلال الأراضي يأتي للضغط على الحكومة الجديدة لكي تعترف بـ(إسرائيل) وتدخل معها باتفاقية حسن جوار وتطبيع فإنّ (إسرائيل) تعلم أنّ القادم الجديد سيقع تحت تأثير أجنبي جديد ونفوذه وهو الامريكي ما يسهل عملية الاعتراف. ثانياً: لإرباك الوضع الداخلي في سوريا وصناعة أزمات للقادم الجديد، ثالثاً: لإيجاد منطقة عازلة واسعة مع سوريا حذراً من تمكّن الجماعات الإسلامية المتطرّفة من الحكم ومن ثَمَّ تهديد أمن (إسرائيل)، رابعاً: استغلال المنطقة اقتصادياً كما فعلتْ سابقاً في هضبة الجولان، واستغلالها استخباراتياً ذلك بتأسيس منصات تجسّس ومنطقة ملاذ آمن لكل معارض للنظام الجديد وكسب فئات سورية ستصبح داعمة للتوجهات الإسرائيلية مثل المجموعة الدرزية، التي تؤمن بالصّهيونيّة التي تأسست عام 1973 على يد أمل نصر الدين.