جعفر عبد الامير لبجة
صدر حديثاً عن دار أوراق، كتاب جديد بعنوان "روائع الدارمي العراقي قديماً وحديثاً"، ضم مقدمة وتمهيداً واستعراض تجارب شعراء معروفين.
يعد شعر الدارمي لوناً من ألوان الشعر الشعبي العراقي، وهو من أجمل الألوان الشعرية، يرجع ظهور الدارمي إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وقد أثار إعجاب الجميع، وهو ذلك الفن الذي يروي لنا قصة كاملة في بيتين من الشعر الجميل العذب الذي يعبر عن خلجات النفس وانفعالاتها، والمليء بالكثير من الصور الإبداعية البلاغية.
سمي بالدارمي نسبة إلى فتاة من قبيلة (بني دارم) الذين استوطنوا جنوب العراق وعلى وجه الخصوص محافظة ميسان (مدينة العمارة) حيث قالت هذه الفتاة بأول بيت دارمي من الشعر الشعبي تام المعنى.
الدارمي يتألف من بيتين من الشعر في غاية البلاغة حيث يوضح هذان البيتان حال الفتاة التي منعها أهلها من ترديد اسم حبيبها، حيث قالت بألم وهي في خلوة و(تدردم) مع نفسها أبياتاً من الشعر
الدارمي.
ظهر الدارمي في القرن الثامن عشر الميلادي وكانت قبله بعض الألوان الشعرية مثل النعي والأبوذية والعتابة والأهزوجة، ولم يدون الباحثون المعنيون بهذا الفن إلا ما ندر.
وشعر الدارمي أطلقت عليه أسماء عدة، عندما يغنى يسمى بالبستة، في جنوب العراق ويسمى في المناطق الغربية بالسويحلي.
ويغنى الدارمي في مدينة الحلة ويسمى بالموشحات الفراتية وفي مدينة العمارة يسمى بالركباني.
إن شعر الدارمي فلسفة شعبية بلاغية يلاقي انتشاراً ملحوظاً بين كل فئات الشعب العراقي المتذوق للشعر ومن مختلف الأعمار، وبات هوية شعرية عراقية له ثقله الأدبي كباقي فنون الشعر الشعبي العراقي الأخرى.
والدارمي في بداياته كان شعراً نسائياً بحتاً، تفردت المرأة العراقية بتناوله، وأبدعت فيه وبرزت نماذج منه ما زالت راسخة في الذهنية العراقية، وأقحم الرجل نفسه في هذا الجانب لما حظي به من اهتمام وعناية من الشعب العراقي المتذوق للشعر.
لقد كان الدارمي أداة للتعبير عن الهم الذاتي والاجتماعي والسياسي، حتى أخذ مكانه في جميع مناحي الحياة، ولم يعد مقصوراً على التعبير عن هموم المرأة وانفعالاتها وما تعانيه في مجتمعها.
يذكر أن النساء في الأرياف الجنوبية يحفظن الكثير من شعر الدارمي، وذلك لانتشاره الواسع وسهولة نظمه،
يعد هذا الكتاب ثمرة جهد لكاتب وشاعر سخر قلمه للشعر والبحث العلمي، حيث يعد هذا الكتاب إنجازاً جديداً في مجال الشعر الشعبي العراقي.
