تعني متلازمة المحتال (Imposter Syndrome) أنَّ هناك شخصاً آخر في داخلك يثير فيك الشكوك بنفسك ويقلل من تقديرك لذاتك ويظهر لك فرقاً كبيراً بين تصورك لشخصك وبين نظرة الآخرين لك، ويجعلك تشكك في إنجازاتك ويعزوها الى الحظ بالرغم من وجود أدلة تؤكد كفاءتك، ويثير فيك خوفاً داخلياً من أنْ يعدّك الآخرون "محتالاً"، ويوصلك الى الاقتناع بأنك محتال.
وتاريخياً، يعودُ ظهور هذا المصطلح الى العام 1978 في مقالة بعنوان "متلازمة المحتال في النساء ذوات الإنجازات الكبيرة" وصفتها الدكتورة (بولين آر) بأنَّها معاناة الفرد من التصور الذاتي للزيف الثقافي (غش).
وتحرّى الباحثون شيوعَ هذه التجربة الداخليَّة بمقابلة عينة من مئة وخمسين امرأة من ذوات الإنجازات الكبيرة عُرِفت كل المشاركات بامتيازهنَّ المهني بشكلٍ رسميٍ وأظهرن إنجازاتٍ أكاديميَّة معتبرة. وعلى الرغم من وجود أدلة ثابتة على مصداقيَّة كفاءتهنَّ فإنهنَّ لم يحظين باعتراف زميلاتهنَّ وزملائهنَّ بإنجازاتهنَّ، الذين عزوا نجاحاتهنَّ الى الحظ! وليس لكفاءتهنَّ. وتوصل الباحثون الى أنَّ هذا الإطار العقلي لظاهرة الاحتيال قد تطور من عدة عوامل مثل: القوالب الجندريَّة والديناميكيات العائليَّة الباكرة والثقافة ونمط الإسناد، وأنَّ النساء اللاتي عانين من ظاهرة المحتال أظهرن أعراضًا متعلقة بالاكتئاب والتوتر والقلق المعمم وضعف الثقة بالنفس.
والمفارقة، أنَّ إحدى الدراسات أظهرت أنَّ 88 ٪ من الطلاب الحاصلين على شهادة الدكتوراه بعلم النفس اعترفوا بأنهم مروا بأعراض متلازمة الاحتيال، الأمر الذي يدلُّ على أنها متلازمة شائعة وليست مقتصرة على النساء.
وعلينا أنْ نعرفَ أنَّ متلازمة المحتال تظهر بمختلف الصور، نوجزها بأربعة:
• الساعين للكمال: وهم من لا يرضون بأي شيء يقدمونه، ويكون لديهم شكٌ دائمٌ بأنهم كانوا يستطيعون الوصول لنتائج أفضل، ويميلون بالعادة إلى التركيز على كل أخطائهم.
• الأبطال: وهم الذين يشعرون بالنقص في ما يتعلق بأدائهم، الأمر الذي يدفعهم إلى تقديم أكثر من طاقتهم.
• الخبراء: الذين لا يكونون راضين عن مستواهم العلمي وقدراتهم المهنيَّة، ويحاولون دائماً الوصول لمراحل عالية من الإدراك.
• المنفردون: ونعني بهم الذين يفضلون العمل لوحدهم دائمًا ويتفادون طلب المساعدة حتى لا يظهروا بمنظر الضعفاء أو غير المتمكنين.
مؤكد، وليس افتراضاً أنَّ من بين العراقيين كثيرين في داخلهم "محتال" وهم به لا يعرفون، ولهم نقدم ثلاثة حلولٍ لمواجهة هذا المحتال والتخلص منه:
• اكتب قائمة بإنجازاتك وراجعها مهما كانت صغيرة. تقوم هذه الخطوة على تذكيرك بأنَّ الإنجاز يعودُ لكَ، وتخلصّك من التصورات السلبيَّة تجاه نفسك وتعيد لك الثقة بنفسك.
• حدد مصادر القلق لديك وافرز القلق الزائف عن القلق الحقيقي.
• قٌم بتذكير نفسك أنَّ الكمال لا وجود له، وأنَّه لا يوجد إنسانٌ كاملٌ لتستطيع تحقيق إنجازاتك من دون أنْ تتغلب عليك مخاوفك وتنجرف وراء هاجس الكمال.
بتطبيقك لهذه الخطوات سيعرف (المحتال) أنك اكتشفته فيغادرك ولن يعود إليك.