مجاشع التميمي
الحديث عن العلاقة المستقبلية بين العراق والولايات المتحدة، مع قرب وصول ترامب إلى البيت الأبيض، يعكس تحديات وفرصاً في آن واحد. فعلى الرغم من التقلبات التي شهدتها العلاقات بين البلدين في فترات سابقة، من الممكن القول إن الوضع الحالي لا يعكس تهديدات مباشرة من سياسة ترامب.
ورغم أن العراق مرّ بفترات توتر، خاصة في عهد حكومة عادل عبد المهدي، التي كانت تبتعد عن الولايات المتحدة لصالح التقارب مع الصين، إلا أن العلاقات بين البلدين، في ظل حكومة مصطفى الكاظمي، بدأت تتحسن بشكل نسبي، وهو ما تواصل في عهد حكومة محمد شياع السوداني. وفي هذه المرحلة، تُعد العلاقة بين البلدين "علاقة مؤسساتية"، كما وصفها السيد السوداني في لقائه المتلفز قبل يومين مع قناة العراقية الإخبارية. وأكد انها –العلاقة- مبنية على أسس قانونية واستراتيجية.
أحد العوامل المطمئنة هو الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في القضايا العالمية والإقليمية، خصوصاً في الشرق الأوسط الملتهب، ففي خضم الأحداث الأخيرة التي عصفت بسوريا، ووضعت نهاية لحكم بشار الأسد، نجح العراق في الحفاظ على استقرار نسبي، والذي كان محط اهتمام الكثير من الدول الإقليمية والغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تسعى إلى الحفاظ على هذا التوازن لضمان مصالحها الاقتصادية والأمنية.
في الفترة الحالية، تحت حكومة محمد شياع السوداني، تركز العلاقة مع الولايات المتحدة، على التعاون المؤسسي، مبنية على اتفاقات استراتيجية وقانونية، في وقت يسعى فيه العراق إلى تعزيز وجوده كداعم للاستقرار في المنطقة، وفي الوقت نفسه يحاول أن يبني علاقات قوية مع مختلف القوى الكبرى.
لا شك أن السياسة الأميركية تجاه العراق تحت إدارة ترامب في دورته الأولى، قد شهدت بعض التحولات، حين كان يركز على تقليص التواجد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، مع ذلك، كانت السياسة الأميركية لا تزال تعتمد على العراق كحليف استراتيجي في محاربة الإرهاب، إضافة إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية في المنطقة، لا سيما بعد أن تمكن العراق من لعب دور الوسيط في العديد من القضايا الإقليمية، مثل التوترات بين إيران والسعودية، وأيضا في المبادرات التي تهدف إلى خفض التصعيد بين بعض الدول العربية، هذا الدور الوسيط يعزز من قدرة العراق على الحفاظ على توازن علاقاته مع مختلف الأطراف.
ومع وجود تطورات على الصعيد الإقليمي، يجد العراق نفسه في موقع حساس، حيث يسعى لتحقيق الاستقرار الداخلي من خلال دعم السياسات التي تركز على السلم الأهلي والإصلاح السياسي.
في ظل هذه المعطيات، من المتوقع أن تواصل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة مسارها نحو المزيد من الاستقرار والتعاون، وعلى الرغم من بعض التحديات التي قد تنشأ، فإن العراق ليس في خطر من تحول علاقاته مع واشنطن إلى أزمة كبيرة. بل على العكس، يمكن أن يسهم التعاون بين البلدين في دعم الاستقرار الإقليمي..
و وسط توقعات بأن تبقى العلاقة بين بغداد وواشنطن، تتسم بالتعقيد، لكن مع تعزيز التعاون المؤسساتي والتوجه نحو إيجاد حلول مشتركة للأزمات الإقليمية، فإن العراق قد يكون قادراً على الاستفادة من هذه العلاقة، مع أن هناك بعض المخاوف من تأثيرات السياسة الأميركية تحت قيادة ترامب، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى خلاف ذلك، فلن تكون هناك تحديات كبيرة من السياسة الأميركية في المستقبل القريب. بل من المرجح أن تسعى الولايات المتحدة إلى تعميق التعاون مع العراق في مجالات متعددة، بما يضمن تعزيز مصالحها وحماية الأمن الإقليمي.