ذو الفقار يوسف
نقتفي أثر التغيير، ذلك ما أوجدنا عليه، وخلق في خلايانا كبشر لنطمح نحو الافضل، تلك الثورة العظيمة التي تجول في أعماق نفوسنا تجعلنا كذلك، لذا تمسك بالأدوات التي تجعلنا نحقق هذا الحلم، حلم التغيير والتطور، فالشباب جيل تحقق، وهذه المسؤولية التي وضعت في أعناقنا تجعلنا نكون متأهبين للفرص.
وانا كما شباب اليوم كنت أراقب أبسط هذه الفرص قبل أعظمها لأضع يدي على مستقبلي الذي أريد، حينها كانت فرصة الهجرة متاحة، لأخطو نحو ذلك العالم الذي يرسمه الشاب العراقي في مخيلته بعينين برئتين، بخوف لكن بلا تردد للخوض في ذلك المسير، فأعددت العدة وامتطيت صهوة الغربة لأسافر نحو تلك الدنيا الجديدة، أتطلع لأرض رسمتها بفرشة الامنيات، مساحات واسعة من الطبيعة الأخاذة، هواء نقي يسلخ ذلك الغبار الذي كنت أستنشقه في بلدي من رئتي، انهار وحقوق وعمل كريم ومرتب زهيد يجعلني أعيش كما وعد الله الصالحين بالجنان، كل ذلك ما أراده الشباب العراقي وأنا في فورة توجهنا نحو أوروبا الجميلة.
عند الوصول بدأت كل الأشياء في جوفي تخوض معترك المقارنات، فهذا الأمر لم أره في بلدي، هنا هذا الشيء مختلف، معالم تدهش الناظرين، وينابيع تنساب من تحت قدمي وأنا أعبر مجسر خشبي صغير صُير أمام محل سكني، أربعة طقوس تتناوب على الاجواء في نفس اليوم، والبشر، حتى البشر هناك مختلف، ومع كل هذا الجمال كانت الكفة تميل لبلدي الام، الجميع رأى ذلك، وقليل من اعترف، بأن ما في بلدنا أثمن، ففيه نقدم مقعدنا في الباص للنساء والأكبر سنا، نساعد أقاربنا في أوقات الشدائد، نصل الرحم، نحتضن أطفالنا إلى أن يكبروا ويتزوجوا وينجبوا وهم بالمقابل يحتضنوننا بلا ملل، نشعر بالحياء باستمرار، اما هناك فلا تجد أيًّا من هذه الاشياء، فالشاب ينسلخ من ذويه وهو في الـ 16 من عمره، والاطفال يُلقنون وسائل تقديم الشكوى على آبائهم، تكمل النساء وكبار السن طريقهم في الباص الممتلئ وقوفا، واذا نفدت نقودك فأنت وحيد في هذا العالم لتتأكد بأنك ستنام بلا طعام، وإن كنت تحمل شهادة الدكتوراه في بلدك فثق أنك ستعمل نادلا في أحد المطاعم.
عدنا من أوروبا الجميلة لنتعلم الدرس، أننا ملوك في بلدنا فقط، رجعنا منها بعد ان فُتحت أعيننا على هذا الواقع لنودعها بكلمة شكراً.