سعد صاحب
أول شيء يتعلمه الانسان في الجنوب الغناء، النابع من قلب مفطور يعاني من مرارات كثيرة، فالأم حين تهز المهد تغني لنا الاغنيات، والريح تحمل في هبوبها الترانيم، الآتية من جهة بعيدة، فالريف موسيقى صادحة بشكل دائم، من اناشيد الموج الهادر الى تراتيل البلابل، لهذا نرى الجنوبيين، يمتازون بالحب والطيب والذوق والشعور وصدق العواطف.
(غني روحي الوادم الطيبين كثره/ غني روحي المايحب الناس/ ما ضاگ السرور بطول عمره/ يا سرور العين لو تصفه وتظل تحفظ
العشره).
محبة
هذا الغناء العذب الشفيف، دليل قاطع على المحبة الصادقة، لا سيما ان وطننا الحبيب، يتعرض الى المحو والتغييب والاندثار والخيانات والتشويه والطعون، والشاعر لم يكسب شيئا، من وطنه العامر بالكنوز والخير والمال والنفوط، ووهب له الكثير من الاغاني الخالدة، فعشق الاوطان غريزة فطرية تكبر في النفوس، كلما كثرت الطعنات في الخاصرة. (يا وداد الروح لو طافت على بساتين خضره/ غني لشفاف الفرات وناصريته وميل خصره/ وغني للغراف روجاته شمعزهه وكبر صدره).
ناصرية
حين يكتب الشاعر عن مدينة الناصرية، ويتغنى بسحر أهوارها الباسمة وطيورها المزغردة، وطبيعتها المتوازنة وناسها الطيبين، يعني انه يمدح الوطن بكل أطيافه الأصيلة، من شموخ جباله الشاهقة، الى بواديه المطرزة بالعوسج والكمأ والصبار، الى سهوله الريانة الخضراء، الى شموس جنوبه الساطعة فوق اعشاب المراعي، الى المرأة المتلفعة بعصابتها الشامخة. (غني للحلوين بين الناصريه وبين شطره/ غني للحَمَّار للبدعه/ الثنايا الهور واطراف المجره).
وطنيَّة
كأنَّ هذه الاشعار كتبت للتأكيد على الوطنية، الرافضة لكل احتلال داخلي او خارجي، وبشارة خير في زمن الفواجع والعذاب والعجز والتهاون، وكل ما تريده اعادة الجدارة للانسان الخائف المهزوم، والافصاح عمّا يدور بداخل النفس المكبلة، بالكثير من المخاوف والعديد من الموانع، من دون اراقة الدماء، واعطاء المزيد من الشهداء بالمجان. (غني روحي شموسنه أعلى ديار اهلنه / ادور وتطش المسره / والليالي عيونهن ذيچ الليالي / بخير والگيعان خضره / طوفي روحي ابين شتلات الموده / وصيري فراشه وتشم اعطور
زهره).
زهرة
زامل لا يحب السكون الذي يعني له الجمود، ويعشق الزهرة المتمايلة مع النسيم، ولا يفرق لديه غرام الحبيبة عن عشق العراق الزاخر بالجمال، والانهار لها اولوية ثابتة وعندما يجيء ذكرها، بطريقة عفوية بعيدة عن التكلف والكذب والزيف والادعاء. (عرفتك وردة القداح/ برد الصبح جفلها / ومن حبك هويت الگاع والماي اليغازلها).
عيون
هذه القصيدة عالم متكامل من الامل والبراءة والبياض والانفتاح، ومن اسراب النوارس المحلقة فوق الامواج الساحرة في وئام، مياه تفيض بالمشتهى والرغبة والبهجة والتألق والحلم والتفاؤل والانشراح. والحبيب يعني التوهج والاكتمال والعذوبة والانتعاش، والعيون الجذابة سر الابداع الدائم، ونافذة مفتوحة على الالهام والسحر والحنان والانوار. (شفت بعيونك بلادي/ سهل وجبال والوادي/ شفت دجله وفي مثلك/ يفيض بخير الي
ولجلك).