دوخة رأس السنة

ثقافة شعبية 2024/12/26
...

كاظم غيلان 




ما هي إلا أيام ونستقبل عاماً جديداً لا ندري ما الذي تضمره لنا أيامه من أقدار، أتمنى أن تكون مسرات وإبداعات بدلاً من المسيّرات والانقلابات .

عامٌ يشدُّ الرحال ورؤوسنا مثقلة بصداعات حادّة، فقد شهدنا متغيرات دراماتيكية وانتخابات ومهرجانات لا تُحصى ولربما تجاوزت الحد الأعلى من المصروفات .

وكالعادة ندوخ جميعاً هذه الأيام بما تعلنه المراكز الخبرية المعروفة والمجهولة والبيجات والمواقع الفنية وغير الفنية من نتائج استبيانات أظهرت لنا أسماء الفائزين والفائزات بالمراتب العليا، بعضها يقال والعهدة على القائل مدفوعة الثمن كما جرى ويجري في منح الجوائز الدسمة منها ومتوسطة الدسم وأخرى قليلة الدسم حسب (الظروف).

الاستبيانات شملت جميع الألوان الثقافيّة والفنيّة من أفضل شاعر وشاعرة مروراً بأفضل إعلامي وإعلامية وصولاً بأفضل (مهوسجي) من كتلة - هاخوتي ها - .

هذه الاستبيانات كالعادة دوّخت رأس السنة أعانه الله وعافاه ذكرتني نتائجها باستبيان أجرته قناة الشباب التي كانت ضمن ممتلكات ابن رئيس الحكومة نهاية التسعينيات .

فما هو معروف حينها ان هذه القناة - دكت صدرها - لرعاية المواهب الشابة والترويج لبضاعتها الرديئة والتصدي بقوة و- حسم - لكل من يسخر ويعيب ويقلل من - شأن - تلك المواهب. 

الاستبيان كان يجري نهاية كل أسبوع بما فيها - اسبوع النظافة - لأفضل صوت غنائي، فصادف بأحد الأسابيع حصل المغني - علي جوهر - على أعلى الأصوات ونيله المرتبة الأولى فيما حصلت الفنانة - وردة الجزائرية - على المرتبة الثامنة !!

أثارت النتيجة استغراب الجميع ولا أقول استنكارهم لأن في ذلك - رجس من عمل الحاقدين - على توجهات "زين الشباب" ابن الرئيس قصدي. فالاستنكار وقتها يعني ان صاحبه معادياً لخط الحزب والثورة والتشكيك بمكاسب ومنجزات القيادة الحكيمة والتقليل من شأن الفتوحات الثقافية والفكرية التي حققتها القناة ولعل أبرزها برنامج (المؤمن) الذي كان يعده ويطبخه ويقدمه "عبد الغفار العباسي".

النتيجة أثارت استغراب الفنان سعدون جابر فليس من المعقول ان تحتل وردة الجزائرية موقعاً أدنى من علي جوهر بـ (سبع بايات) مع احترامي لجوهر طبعاً .

القناة اقامت الدنيا دون أن تقعدها على سعدون وكأنّها تقول له - اكعد راحه -.

ولأن التاريخ يكرر بعض صفحاته فليس هناك ما يثير استغرابنا في نتائج استبيان هذه الأيام الشبيهة لذلك الماضي ولربما أسوأ في ظل سهولة ومجانية وانحدار ذائقة وسوء اختيار القائمين والقائمات على مراكز الاستبيان المتحكمة بفضل "عصر التفاهة".

كل هذا ولا ندري على ماذا تدور السنة المقبلة ضمن قوانين التوقع والاحتمال، لكننا نخشى أن تدور على قرن ثور .

أتمنى لكم من جانبي أياماً هانئة وعاماً سعيداً مثلما اتمنى لرأس السنة المقبلة دورة بلا دوخة .

لتدخل عامنا الجديد بلا رصاص ولا قذائف ولا بوارج سفن حربية ولا انتخابات مزورة.