عبدالزهرة محمد الهنداوي
ما زال القطاع العام، يحلّق منفردا في الفضاء الاقتصادي والتنموي، يحدث هذا في ظل محاولات جدية للتحليق من قبل القطاع الخاص، وتبعث المعطيات الواقعية مساحة جيدة من التفاؤل، بتمكن هذا القطاع من التحليق، وبالتالي انتهاء مرحلة التفرد، التي ربما أورثت حالة من الهشاشة في الاقتصاد العراقي، لذلك فإن حضور القطاع الخاص في المشهد، من شأنه أن ينقل الاقتصاد من منطقة الهشاشة إلى منطقة الصلابة، وعند ذاك يمكن الحديث عن وجود اقتصاد رصين، وكذلك يمكن القول بتحقيق حالة من التنوع، في مصادر تشكيل الناتج المحلي الإجمالي، وهذا بدوره يقودنا إلى اقتصاد اجتماعي، يسهم في الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة.
وفي العودة إلى المعطيات التي تبعث على التفاؤل بنمو القطاع الخاص، هنا يمكن الإشارة، إلى خطوة تشكيل المجلس الدائم لتطوير هذا القطاع، الذي يضم 33 عضوا يمثلون مجمل الفعاليات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والسياحية والغذائية، وما ينبثق عن هذه الفعاليات من أنشطة مختلفة منضوية تحت لواء القطاع الخاص، وأهمية هذه الخطوة تكمن بأن القطاع الخاص أصبح له صوت حقيقي، لاسيما أن رئاسة المجلس أُنيطت برئيس مجلس الوزراء.
ومعنى ذلك أنه لم تعد هناك حواجز أو معرقلات يمكن أن تعيق أو تمنع عملية التحليق والطيران لأرباب القطاع الخاص، وسيكون دور القطاع العام في هذا السياق، هو تيسير عملية الطيران، وإيجاد المنافذ والمسارات المناسبة المساعدة على تحقيق تلك الأهداف، ولكن الأهم في مجمل القصة، هو القدرة على الاستمرارية ومواصلة التحليق الآمن في الأجواء، فتجربة عباس بن فرناس، أثبتت أن الطيران ليس بالأمر السهل، بل هو محفوف بالمخاطر، إذا كانت عناصر الديمومة غير متوفرة.
ولذلك فإن مسألة طيران القطاع الخاص تستدعي بطبيعة الحال ابتداءً فسح المجال الحيوي له من قبل القطاع العام، الذي ما زال يستحوذ من خلال الكثير من الشركات العامة، على هذا المجال، وبعض هذه الشركات، ربما يشكل عبئاً على الاقتصاد.
لذلك ينبغي إعادة النظر بملف الشركات العامة، في ظل الحديث والتوجه نحو الاقتصاد الحر التنافسي المستدام، كما أن الأمر لا يعفي القطاع الخاص من أن تكون له رؤية وفلسفة اقتصادية مستجيبة للمتطلبات التنموية، تتماهى مع رؤية الحكومة، في تحديد أولويات الاستثمار المنتج، مع وجود إدارة نقدية رشيدة، وأعتقد جازماً بأن القطاع الخاص العراقي له من الإمكانات والقدرات الحيوية ما يجعله قادراً على التحليق والمنافسة، وبالتالي المساهمة في بناء اقتصاد عراقي متين ورصين، يمكن أن يخلق سوق عمل قادرة على توليد المزيد من فرص العمل اللائقة والمستدامة.