علي حسن الفواز
يحمل انتخاب الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون بعداً رمزياً لإنعاش الحالة اللبنانية، فضلاً عن ما يحمله من دلالات سياسية وأمنية، لا سيما بعد إيقاف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني، وبقطع النظر عن هذه المعطيات فإن الانتخاب الرئاسي الذي تمّ بموافقة أحزاب المقاومة اللبنانية يؤشر مدى الحاجة إلى التوافق السياسي، لتجاوز الوضع المعقد ما بعد العدوان، وللشروع بمعالجة الملفات الاقتصادية والسياسية، وتنظيم البيت الداخلي وسط تغيرات دولية وإقليمية فارقة، تُعطي لهذا الانتخاب زخماً في تقييم مجريات الواقع وتحدياته، والبحث عن مقاربات تهدف إلى مساعدة لبنان على إعادة إعمار المدن التي تعرضت للعدوان، مع معالجة القضايا التي تخصّ الملف الأمني الداخلي، والبدء بالمشاورات النيابية لاختيار رئاسة الحكومة الجديدة.
لقد ارتبط شغور الكرسي الرئاسي طوال عامين بكثير من المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية العميقة، لاسيما مع تداعيات التضخم وانكماش الإنتاج المحلي، والتصدع المالي، ومشكلات البطالة والفقر وأموال المودعين، وهي قضايا أثقلت الواقع الاجتماعي كثيراً، وتسببت في انهيار العملة اللبنانية من جانب، وفي تأزيم العلاقات السياسية بين الفرقاء من جانب آخر، وهذا ما أكسب الانتخاب الرئاسي أهميته في إيجاد بيئة مناسبة للتفاهمات، ولتخفيف العبء عن كاهل الدولة ومؤسساتها.
لعل ما ورد في خطاب الرئيس عون يعكس أهمية الحرص على الوحدة الوطنية، وعلى مواجهة تداعيات العدوان الصهيوني، وإعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وبالاتجاه الذي يجعل من أهدافها مرهونة بوجود برامج ناجعة للإصلاح السياسي والاقتصادي، مع تأمين سياسات وطنية جامعة لدعم ما هو ستراتيجي، وما هو ضروري في بناء المؤسسات الهيكلية، وفي الحصول الدعم المالي من الدول المانحة أو من صندوق النقد الدولي، فضلاً عن أهمية حماية السلم الأهلي بين مكونات الشعب اللبناني، لاسيما بعد متغيرات الواقع السياسي في سوريا، وما يخص العلاقة مع توجهات السياسة الأميركية الجديدة بعد تسنُّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب في المنطقة، وهذا ما يتطلب جهوداً استثنائية على مستوى إدارة برنامج الإصلاح السياسي، أو على مستوى انتخاب الجهاز الحكومي، وإدارة المؤسسات الفاعلة مثل قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان، وهي فواعل أساسية تدعم استقرار البلاد، وتُسهم في ضبط إيقاع الشارع اللبناني، لاسيما مع التهديدات المستمرة من الكيان الصهيوني.
إن الاحتفاء الدولي والإقليمي بالانتخاب الرئاسي يعكس الحاجة إلى فكِّ اختناق المأزق اللبناني، وإلى معالجة ملفاته الأمنية والاقتصادية والسياسية، وبالاتجاه الذي يدعم استقراره الوطني ووحدته وسيادته واستقلاله، ومنع التدخل في شؤونه الداخلية بعيداً عن مكاره العدوان الصهيوني وتقويض لحمة مكوناته الوطنية.