بغداد.. وجهة للسياحة العربيَّة 2025

ريبورتاج 2025/01/13
...

 بغداد : عواطف مدلول

 تصوير : احمد جبارة

في مشهد يعكس تلاحم التاريخ مع الحاضر، تستعد بغداد لاستقبال مفتاح "عاصمة السياحة العربية" لعام 2025، لتستعيد مكانتها العريقة وتفتح أبوابها على مصراعيها أمام العالم. تحت رعاية دولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، تنطلق في الثاني من شباط المقبل فعالية كبيرة تحتفي بعراقة بغداد، المدينة التي كانت دوما مركزا للعلم والثقافة، مستقطبة الأنظار من أرجاء العالم كافة.

بعد سنوات من الانتظار، ووسط أجواء من التفاؤل، يأتي اختيار بغداد لتكون "عاصمة السياحة العربية" حدثا استثنائيا يحمل في طياته الكثير من الأمل لإحياء تاريخ هذه المدينة المرموقة.

هذا الاختيار، الذي أعلنته المنظمة العربية للسياحة، يعكس عودة الحياة إلى شوارع بغداد وأسواقها، بعد أن عاش العراقيون سنوات من الصراع والتحديات.

بغداد التي كانت يوما مدينة العلم والفنون، ها هي اليوم تعود لتكون بوصلة السياحة في العالم العربي، في خطوة مهمة نحو إعادة إحياء ثروات العراق الثقافية والسياحية.


احتفاليَّة تاريخيَّة

وفي هذا السياق، يؤكد قاسم طاهر السوداني، وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار، أن الوزارة عملت بجد لأكثر من عامين لإعداد ملف متكامل لهذا الحدث الهام.

وقال لـ"الصباح": "بغداد اختيرت بعد تأكيد استقرار الأوضاع الأمنية، وهذا إنجاز يسجل للحكومة العراقية ووزارة الثقافة والسياحة".

وأضاف أن الاحتفالية الكبرى في الثاني من شباط المقبل ستشهد عروضا ثقافية وفنية، حيث سيتم تسليم مفتاح العاصمة للسياحة العربية، وتستمر الفعاليات طوال العام لتعزيز مكانة بغداد كوجهة سياحية عالمية.


الآثار والتراث في قلب الحدث

يعتبر السوداني أن السياحة الدينية والآثارية ستكون في قلب الحدث، حيث سيتم التركيز على العديد من المعالم التاريخية التي تميز بغداد، مثل شارع المتنبي، والقشلة، وطاق كسرى.

كما سيكون للمتحف العراقي دور بارز في هذه الفعالية، نظرًا لأهمية هذه المعالم في تعزيز هوية بغداد التاريخية.

وقال: "بغداد ليست مجرد مدينة، بل هي متحف مفتوح، مهد للعديد من الحضارات التي ساهمت في إثراء الثقافة الإنسانية".


ترويج دولي وإعلامي

من أجل جذب السياح من مختلف أنحاء العالم، سيتم إطلاق حملة إعلامية، تشمل إصدار فولدرات ومطبوعات ترويجية، وتنظيم فعاليات مشتركة مع وسائل الإعلام المحلية والدولية. 

كما سيتم التعاون مع أمانة بغداد لوضع شاشات ضوئية في الأماكن الحيوية للإعلان عن المناسبة، إضافة إلى التنسيق مع وزارة النقل لتوزيع المطبوعات على متن رحلات الطيران.


تحديات وآمال المستقبل

ورغم الصعوبات التي تواجهها الوزارة في تأمين التمويل الكافي، إلا أن التفاؤل يظل سيد الموقف.

إذ يرى السوداني أن هذا الحدث سيكون بداية لمستقبل واعد للسياحة في بغداد والعراق بشكل عام، وأن القطاع السياحي سيظل أحد روافد الاقتصاد الوطني في المستقبل، مشيرًا إلى أن بغداد، بعد أن أُعطيت فرصة جديدة لتتجدد وتزدهر، ستكون بمثابة رئة يتنفس منها العراق سياحياً.


وتابع وكيل الوزارة قاسم السوداني ان "الوزارة ستوجه دعوات إلى عدد من الشخصيات السياسية من الوزراء وأعضاء مجلس النواب، إضافة إلى وزراء السياحة العرب، إلى جانب حضور وفود من المنظمات الدولية المعنية بالسياحة والآثار".

واضاف "بعد الاحتفالية، سيشمل البرنامج زيارات ميدانية للمواقع الثقافية والسياحية والتاريخية في بغداد، حيث سيتمكن المشاركون من استكشاف أبرز المعالم مثل شارع المتنبي، والقشلة، وطاق كسرى، وعكركوف، فضلاً عن بعض المرافق السياحية الأخرى التي تشهد على تاريخ المدينة العريق.


مراقد دينيَّة 

في إطار الترويج لبغداد عاصمة السياحة العربية، أشار قاسم السوداني إلى أن الفعاليات ستستمر طوال العام 2025، وتهدف إلى إعادة إحياء الإرث البغدادي وإحياء التقاليد البغدادية في الذاكرة الجمعية للمواطنين، وذلك بعد فترة من التراجع والغياب في السنوات الأخيرة.

تأتي هذه الأنشطة في وقت حساس، إذ تسعى إلى إبراز بغداد كمدينة تاريخية عريقة تضم معالم تراثية بارزة، مثل شريط دجلة التراثي، والقشلة، والقصر العباسي، فضلاً عن العديد من المواقع الأثرية التي تزخر بها بغداد.

كما أضاف السوداني أن المتحف العراقي، الذي يعد خامس أكبر متحف في العالم، سيأخذ دورا محوريا في هذه الفعاليات، لكونه أحد أبرز المعالم الثقافية التي تسهم في تعزيز هوية بغداد الحضارية.

وفي هذا السياق، كشف السوداني عن جهود هيئة الآثار في تأهيل وصيانة العديد من المواقع الأثرية في بغداد، لتكون جاهزة لاستقبال الزوار ضمن هذه المناسبة المهمة.

وأكد أن العراق يسير وفق برنامج عمل معتمد من قبل منظمة السياحة العربية، الذي يتماشى مع المعايير العالمية في مجال السياحة والآثار، مشيرا الى ان "بغداد ستكون بوابة للسياحة في العراق والوزارة عاكفة على النهوض بالقطاع السياحي بما يتناسب مع البرنامج الحكومي الذي وضعه السيد رئيس مجلس الوزراء ضمن اولوياته، وبالاخص السياحة الاثارية". وأكد وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار، قائلاً: "الجميع يعلم أن العراق يمتلك العديد من المقومات السياحية التي يمكن أن تجذب السائحين وتكون مركزا لاستقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

ولعل أهم هذين العنصرين هما السياحة الدينية والسياحة الآثارية".

وأضاف أن السياحة الدينية تعد من أعمق وأهم أنواع السياحة، ولهذا تعمل الوزارة على تفعيل هذه السياحة بشكل خاص، نظرا لوجود العديد من المراقد الدينية في بغداد.

وفي هذا الإطار، تم تشكيل لجنة عليا لبغداد عاصمة السياحة العربية، بأمر ديواني، تضم أعضاء من الوقفين السني والشيعي، ما يعكس الاهتمام الكبير بالسياحة الدينية، حيث يُعطى لكل وقف دوره في تأهيل وترويج المرافق الدينية الخاصة به.

يرى السوداني ان اي حقل من حقول السياحة ونمط من انماطها يحتاج الى تطوير وتاهيل وتنمية مستدامة لاسيما في ظل التطور التنكنولوجي الحاصل في العالم، لذا ما يسمى بالسياحة الذكية يجب ان تدخل بجميع القطاعات السياحية.


الاقتصاد الوطني 

وبخصوص الصعوبات، فحددها بالجانب المادي، قائلا "قطاع الاثار يعاني من شح الاموال والتخصيصات، لكن بالنسبة للسياحة باعتبارها مؤسسة تمويل ذاتي هي رابحة ليس لديها مشكلة بهذا المجال وممكن أن تنفذ برامجها بأريحية تامة".

وأعرب السوداني عن تفاؤله بالمشروع قائلا: "الامل جامح بأن بغداد ستكون رئة يتنفس بها العراق سياحيا، وبغداد بوابة العراق الذي يزخر بمرافق سياحية كثيرة حيث يمكن ان نطلق عليه تسمية المتحف المفتوح، واتوقع ان انطلاق هذا الحدث سيكون نافذة مهمة لاستقطاب جميع السياح من العالم بشكل عام، وسيختزل الطريق لعمل كثير ويحرق مراحل من اجل تفعيل السياحة التي ستصبح مستقبلا رافدا مهما من روافد الاقتصاد الوطني". واختتم حديثه بتقديم الشكر لجريدة الصباح بخطوتها الاستباقية لتغطية هذا الحدث  مشجعا التعاون مع الاعلام الى اقصى ما يمكن من اجل النهضة السياحية، "لأن السياحة صناعة نظيفة والنفط الذي لا ينضب، والعراق في ظل تذبذب اسعار النفط بحاجة الى روافد اخرى واهمها ايرادات القطاع السياحي".