اليابان تجرّب أسبوع عملٍ بأربعة أيام

بانوراما 2025/01/16
...


  مايكا مكارتني

 ترجمة: بهاء سلمان

بينما تخطط حكومة منطقة طوكيو لتقديم أسبوع عمل مكوّن من أربعة أيام لتخفيف العبء على الأسر، يعتقد بعض المحللين أنه لن يكون له تأثير يذكر على انخفاض معدلات المواليد ما لم يصاحبه تغييرات جوهرية في ثقافة مكان العمل الياباني.

وتقول "إيكاترينا هيرتوج"، الأستاذة المساعدة في معهد أكسفورد للإنترنت ومعهد الأخلاقيات في الذكاء الاصطناعي: "لكي تؤثر هذه السياسات بشكل هادف على معدلات الخصوبة وتدعم المساواة بين الجنسين في اليابان، يجب أن تكون مصحوبة بتغييرات ثقافية في مكان العمل تعمل على تطبيع وتشجيع المشاركة النشطة للرجال في الحياة الأسرية." وتواصل هيرتوج حديثها مضيفة: "لن يحدث مثل هذا التغيير من تلقاء نفسه، ومن المرجّح أن يتطلّب تنظيما يستهدف بشكل مباشر ممارسات سوق العمل".

وقبل عدة أسابيع، أعلنت حاكمة طوكيو "يوريكو كويكي" إنه اعتبارا من شهر نيسان المقبل، سيتم السماح لموظفي المدينة بأخذ ثلاثة أيام إجازة كل أسبوع؛ وأشارت كويكي إلى "أننا سنستمر في مراجعة أنماط عملنا بمرونة حتى لا يضطر أحد إلى التخلي عن حياته المهنية بسبب أحداث الحياة مثل الولادة ورعاية الأطفال"، مؤكدة وجود حاجة إلى حماية سبل العيش والاقتصاد "خلال هذه الأوقات الصعبة". كما قدمت كويكي أيضا ترتيبا يسمح لآباء الأطفال الصغار بترك العمل مبكرا مقابل راتب مخفض.

وتواجه اليابان، شأنها شأن دول شرق آسيا الأخرى، رياحا ديموغرافية قوية، حيث يبلغ عمر ما يقرب من 30 في المئة من سكانها 65 عاما أو أكثر، حيث انخفض معدل الخصوبة في البلاد، وهو متوسط عدد المواليد لكل إمرأة، إلى مستوى منخفض قياسي بلغ أكثر من واحد بالمئة بقليل في العام الماضي، وهو أقل بكثير من معدل الاستعاضة البالغ اثنين بالمئة اللازم للحفاظ على السكان.

وحذرت وزارة الصحة خلال العام الماضي من أن اليابان لديها حتى عام 2030 فقط لعكس الانحدار. في العقود الأخيرة، قدمت الحكومة بعض المقترحات والاجراءات، مثل مدفوعات الولادة الإجمالية، وإعانات الأسرة الشهرية، ودعم رعاية الأطفال، واصلاحات مكان العمل، وفوائد إجازة الوالدين.


عروض ومغريات

وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن اليابان تقدم ثالث أكثر إجازة أبوية سخاء بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث يحق للأمّهات الحصول على إجازة مدفوعة الأجر لمدة تصل إلى 58 أسبوعا، والآباء لمدة تصل إلى 52 أسبوعا. وعادة ما يتلقى الآباء 67 بالمئة من رواتبهم خلال الأشهر الستة الأولى، ثم تنّخفض النسبة إلى خمسين بالمئة بعد ذلك.

وأشارت هيرتوج إلى دراسة أجريت عام 2019 أظهرت أن أكثر من ثلاثة بالمئة من الآباء المؤهلين استغلوا إجازتهم التي تبلغ 12 شهرا، تاركين للأمهات تحمّل معظم رعاية الأطفال والأعمال المنزلية، وغالبا على حساب التطوّر الوظيفي. تقول هيرتوج: "يكمن التحدي الأساسي في تقسيم العمل بين الجنسين في اليابان؛ فالرجال، الذين هم عادة المعيلون الأساسيون للأسرة، غالبا ما يتجنبون أخذ إجازة عائلية خوفا من عواقبها المهنية." وشددت الاستاذة الجامعية أنه ما لم يأخذ المزيد من الآباء إجازة، "ستستمر النساء في مواجهة الاختيار الصارخ بين التطوّر الوظيفي وإنجاب الأطفال."

تم اختبار فكرة أسبوع العمل الأقصر في العديد من البلدان، بما في ذلك أيسلندا، حيث أفاد العمال المشاركون عن رضا وظيفي أكبر والتي تتمتع ببعض أقوى نماذج النمو الاقتصادي في أوروبا. كما توصّلت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج عام 2022،  التي تعد أكبر تجربة أسبوع عمل لمدة أربعة أيام على مستوى العالم، أن 71 بالمئة من الموظفين أفادوا بانخفاض الارهاق، وشعر ثلاثون في المئة بتوتر أقل. كما أفادت الدراسة بانخفاض نسبة 57 في المئة في معدل دوران الموظفين خلال التجربة التي استمرّت ستة أشهر.


مجلة نيوزويك الأميركية