عادل العرداوي
قبل مدة قصيرة التقينا الزميل الأديب والباحث الديواني ثامر الحاج أمين على هامش مشاركتنا أنا وهو في المؤتمر الأول للأدب الشعبي العراقي / فن الأبوذية، الذي نظمته مؤسسة ايشان للثقافة الشعبية.
وقد تفضل علينا الزميل الحاج أمين بأن أهدانا في حينه نسخة من كتابه الصادر حديثاً بعنوان (التحليق في سماء ممطرة) ضمن إصدارات عام 2024 الذي ضم مجموعة من مقالات نقدية وعرضاً لكتب جديدة.
وكانت من بينها مقالات عديدة تناولت موضوعات له صلة بالأدب والموروث الشعبي العراقي، باعتبار أن الحاج أمين من المهتمين بهذا الجانب الحيوي، وكانت من تلك المقالات واحدة تحمل عنوان (مقدام جاسم جمعة..شاعر مهم اختار
العزلة).
هذه المقالة الرصينة استفزت مشاعري وذكرياتي عن هذا الشاعر الرائد والمؤثر في مسيرة القصيدة والحرف الشعبي ليس في الديوانية، وهي مدينته ومربع صباه، بل في خارطة المفردة الشعبية العراقية، كان له باع طويل في هذا المجال في سبعينيات القرن المنصرم، وكان فارساً لا يشق له غبار من بين فرسان المفردة الشعبية في الديوانية التي كانت تمور وتفوز بكوكبة من فرسان الشعر المعروفين من مختلف المدارس الشعرية المتمكنة منهم على سبيل المثال لا الحصر: شكر وعزيز عبد سماوي، وعلي عبد الحسين الشباني وكامل جبر العامري، وسعدي المصور ونجم عبود السقا وحسن الشيخ كاظم، وكاظم جواد الموزع، وأبو قيصر الديواني وكفاح العطية والقائمة تطول وتطول..
هذا الشاعر الذي أشير إليه عبر هذه السطور من باب الوفاء والتذكير به (مقداد جاسم جمعة) ترك لنا ثروة غزيرة من شعر الدارمي، ومن نظمه بالذات تلك الثروة هي عبارة عن ملف أو مخطوطة تضم ( 1500) بيت دارمي موجودة الآن لدى الزميل (ثامر) تنتظر من يمد لها يد الدعم لكي تطبع وتوزع بين عشاق الدارمي وهم كثر .
نلتقط لكم من تلك الروضة الدارمية شذرات قليلة كمثال وليس حصراً، على أمل العودة إلى إرث هذا الشاعر المنعزل والمنزوي طوعياً.
فعن مكانة (الأم) يقول ويبدع :
درة بالميزان كلش يجيله ..
الجنه والله أوياچ كلش قليله..!
****
الام ذهب تمثال ينحط على الروس ..
مدرسة ومنها الناس تتعلم ادروس ..
****
الام حديقة بيت شوفتها جنه ..
ومن عدها دوم اتفوه ارياح اهلنه..
وقريباً من موضوع الأم ومكانتها المقدسة، يلتفت مقداد لمكانة (المعلم) في تعليم المجتمع وتنوير أفكار الأفراد.. إذ يقول :
منك عرفنه اسرار الدنيه والكون ..
اسماء رادوا ايزغروك تكبر بالعيون ..!
****
والله الك بالروح خلينه تمثال ..
وبعيدك امعيدين يمربي الاجيال..
ليس هذا فقط بل إن مقداد جاسم كان ينبري دائمًا لمجاراة قصائد شعراء معروفين، كما هو الحال مع قصيدة الشاعر الراحل عبد الواحد معلة (الخرانيب) التي يقول فيها مقداد وتحمل اسم (سراديب) متوافقاً مع قصيدة معلة نفسها :
مثل گاع (النجف) گلبي سراديب ..
وسيع وبالحدائق ماتعذر
گضديت ايام عمري بسيل تغريب
يدنيه ولاشفت منچ فجر طر.!