رياض النعماني المسكون بالرقة وترافة الروح

ثقافة شعبية 2025/01/16
...

 سعد صاحب 

للعاشق شروطه الجمالية بعودة الحبيب، إلى جنة العشاق الوارفة الظلال والأفياء، وأولها أن يعود باسمه المشرق الجميل، ذلك الغامض المدهش الغريب المثير للانفعال، المسكون بالحب والطيوب والإشراق والموسيقى والعرفان والوفاء والفضيلة، وأفضل ما في المحب الوصال مع المحبين، الهائمين به عشقاً في البوادي والصحارى والفلوات، وأن يكون لهم المعين الأبدي، حين تخونهم السيقان في الرقص الدائري، وأن يكون صاحب الذراع المفتوح، لاحتضان كل ملهوف يعيش في ضيق، وصاحب القلب السعيد حتى في فترة الانفصال، حتى في حالة خصام الورد مع 

النسيم. 

(لو رديت بذاك اسمك وطيوبك). وحين تأتي بتلك الهالة النورانية العجيبة، يتحول اليباس إلى واحة من الشجر الملائكي، المثمر بفاكهة لا ينالها سوى الخلص الأوفياء، وخافقي من جنون المحبة والأشواق، يزغرد بأعلى صوت أمام نور وجهك البهيج، وأصيح منتشياً اطعن قلبي الجريح مرات ومرات، بأغصان روحك الجميلة، فإن كل طعنة بيديك السماوية، تجعلني أكثر فرحاً وبهجة وسعادة، وتعيدني إلى زمن العشق والخيال والسلام والمودة، وتعيدني للركض في حديقة عامرة بكل أنواع الزهور، يتفرع منها أكثر من طريق، يقودك صوب فضاء من اللازورد والجلنار والأقحوان، صوب أسراب الحمام الأبيض المحلق في الآفاق برغبة عارمة، وثمة نجمة وحيدة تهدي كل ضال إلى المسار، إنها روحي التي طلعت إليك في أعالي 

الدروب. 

(لاطلعلك نجمه تضوي اعلى دروبك). إنه واحة العبير الفواحة بأزكى الأطياب، إنه نهر الحب المتدفق حناناً وطيبة وعذوبة، إنه الدرر الغالية في زمن الذهب المغشوش، أخشى عليه من نظرات الحسد القاتلة، فإنه يفوق يوسف جمالاً وسحراً وشاعرية، وأنا مثل يعقوب المجهد من طول الفراق. يا من قامتك الرشيقة تطاول السماء، يا من ثغرك بستان من النرجس الفواح، يا من طلعتك المرمرية مواكب من الشموس الذهبية المنتشرة، فوق الحقول والمزارع والينابيع والوديان والأغادير والسفوح، فيا أيها القريب البعيد، ارحم شغفي بالرموش الساحرة الطويلة، ارحم مناجاتي في ظلمة الليل الرهيب، ارحم شدوي كما العندليب في حدائق الصباح المزهرة، بالنعناع والبنفسج والياسمين والخزامى، ارحمني يا باب كل جنة واسعة الأرجاء، واسمح لي بالدخول. (جنه وفوگ الجنه تخضر بوبك). وأنا من فرط أشواقي وغيرتي الكبيرة، أخاف عليك من سراق القلوب، أخاف عليك من لصوص الغرام، أخاف عليك من النجوم والأزهار والفراشات والشموع والطيور، ولكن لو تحالفت كل قوى الطبيعة ضدي، فإنها ستفشل بخطفك مني حتى لو كنت ثملاً، وكأسي طافح بشهد السقاة السكارى، فالعيون من دون رؤياك عمياء، ولا تبصر سوى الأشباح والأشواك والظلام، ولو كنت في قبضة الطاغوت، وكان يأمرني بعدم النظر إليك، أموت في الحال، وأبقى حياً إلى الأبد بنظرة واحدة، من عينيك اللتين يقطر منهما العسل. (انه وياك ومحد مني يبوگك / يوم الماشوفك ما ريد 

عيوني).