عبد الهادي مهودر
في قياس احترام الوقت ودقة المواعيد نَصف الصديق الذي يصل في الموعد المتفق عليه بأنه (إنگليزي)معترفين بتفوق الشعوب الأخرى علينا في احترامها للوقت ، فمعظم مواعيدنا الاجتماعية والدعوات التي تصلنا مجرد أرقام على بطاقات الدعوة ، وساعاتنا الجدارية المعلقة في المكاتب والمتاجر والبيوت عاطلة مع أن سعر أربع بطاريات بألف دينار ، ولأن الأسبوع الماضي كان اإنگليزياً بامتياز بسبب الزيارة المهمة لرئيس الوزراء إلى لندن من حيث التوقيت واللقاءات والنتائج والاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة ، إلى جانب انعكاسها الإيجابي على الاستقرار وإنهاء شائعات التخويف ، والدخول في مرحلة "شراكة الأنداد" كما وصفها السفير البريطاني،
فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو العلاقة الطويلة بين البلدين التي مرت بأحداث تاريخية لها صلة وثيقة بعامل الزمن فقد بدأت بعد عام 1914ميلادية بتأسيس الإنگليز جريدة (الأوقات البصرية ) ثم ( الأوقات البغدادية) عام 1917 على غرار صحيفتي الأوقات اللندنيتان ( التايمز وصنداي تايمز) وكلاهما تأسس في القرن السابع عشر ومستمرتان بالصدور حتى اليوم ، لكن أوقاتنا البصرية والبغدادية توقفتا عن الصدور مثل ساعاتنا كما توقفت الصحف الدالَّة على الوقت والساعة،ولم نأخذ عنهم ميزة احترام الوقت التي جعلت من بريطانيا دولة متقدمة ، كما لاتشبه ساعاتنا ساعة (بيغ بين) الشهيرة التي يراها المسؤولون في الحكومة البريطانية والمواطنون الإنگليز ويذكّرهم جرسها الثقيل بأهمية الوقت، حتى أصبحت رمز بريطانيا وأشهر معالم عاصمتها والمشاركة في (بطولة) الأفلام الإنگليزية والفرنسية والإيطالية والعربية التي تصور هناك.
ورغم طول وعمق العلاقة مع بريطانيا لم نأخذ منهم شيئين مهمين للغاية نحن أحوج ما نكون إليهما، وهما احترام الوقت وتعلم اللغة الإنگليزية ، فقد حرمت المناهج وطرائق التدريس المتخلفة أجيالاً متلاحقة من التحدث بالإنكليزية إلى جانب عزلتنا الطويلة عن العالم ، ويعدُّ الشعب العراقي متأخراً في تصنيف الشعوب المتقنة للغة الإنكليزية مع إننا من أكثر شعوب الأرض شراءً لكتاب ( كيف تتعلم اللغة الإنگليزية في سبعة أيام ) ونعرف معنى " وات تايم ازت "ونؤمن بأن (التايم) إن لم تقطعه قطعك.