زيد الحلي
بين مدة وأخرى، أعود إلى قراءة أجزاء كتاب "مذكراتي" لشاعرنا الكبير الجواهري، ففيها أبحر في مياه متلاطمة، لكنها تحمل تاريخا عظيما، لشخصية عظيمة .. كان عبقريا في شعره، وقيل فيه وعنه الكثير، وما زال الحرف العربي، يغزل منسوجاته عن الظاهرة الجواهرية، وشخصيا كتبتُ عنه الكثير، يحتفظ به متصفح "كوكل" .. غير أني أحببت مادة نثرية حميمة لنزار قباني غير شائعة، عن الجواهري، قال فيها: ".. والعظيم الآخر- إلى جانب المتنبي- محمد مهدي الجواهري، الذي مات يتيما في أشتات من دون أن يجد نخلة عراقية واحدة "بين الرصافة والجسر" ترضعه حليبها .. أو تغمره بضفائرها".
كما أحببت قول الشاعر محمود درويش : " لم يكن شعر الجواهري وحده يُغرينا، لكن مزاجه، وشخصه وحياته"..
ومعروف أن قبر الجواهري موجود حاليا في "مقبرة الغرباء " في دمشق، وأكيد أن كلمة "الغرباء" تحز في النفس، ولاسيما أن اسم الجواهري ممهور في الوجدان العربي، لكن للزمن أحكامه كما يقولون.
وهنا، أناشد أمانة بغداد، من أجل إكمال مشروعها الثقافي بإحياء اسم الجواهري، من خلال قيامها بتحويل بيت الشاعر العراقي الكبير إلى متحف ومركز ثقافي يستقبل زواره في بغداد، وتسمية أحد الشوارع باسمه، والقيام بمبادرة لعمل تاريخي يتمثل بنصب يليق بأبي فرات، له مقبولية أكثر من تمثال "المركز الثقافي في المتنبي"، تضمه ساحة كبيرة ببغداد تحمل اسمه.
إن عمل النصب المقترح، يمثل دورا فعالا في بنية الواقع الاجتماعي، وترسيخ المثل العليا في الذاكرة الإنسانية، ويشكل رمزاً طويل الديمومة في تسيد المعاني التي تُشعُها شخصية وشاعرية الجواهري.