علي حسن الفواز
حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يُعطي لدخوله البيت الأبيض صورة خارقة للمالوف، وأن يجعل يومه الأول وكأنه يومٌ للفاتحين، عبر خطابٍ زاوج فيه بين الشعبوية والسياسة ونوايا التاجر، فوقّع على سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تخصُّ تمثيل القوة، عبر العفو عن اتباعه ممن اعتدوا على الشرطة الفيدرالية خلال حادثة الكابيتول بعد نهاية ولايته الأولى عام 2021، وإعلان حالة الطوارئ على قضايا الهجرة غير الشرعية، وإنشاء وزارة يُديرها صديقه وداعم حملته الانتخابية " إيلون ماسك صاحب شركة تسلا، أسماها وزارة " كفاءة الحكومة" مع تخفيف إجراءات الحكم على 14 عضواً من منظمتي براود بويز وأوث كيبرز اليمينيتين المتطرفتين، مع التوقيع على أمرٍ يقضي بمنع الحصول على الجنسية التلقائية للذين يولدون في الولايات المتحدة من أبناء المهاجرين، مع التوقيع على أوامر بتجميد التوظيف الحكومي واللوائح الاتحادية الجديدة، فضلاً عن الانسحاب من منظمة الصحة العالمية التي قال: إنها "تعزل واشنطن بشكل أكبر عن الجهود الدولية لمكافحة الأوبئة"، وكذلك الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والخاصة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لتغيّر المناخ، مع تأمين سياسات اقتصادية صارمة لمواجهة أزمة التضخم التي تركتها رئاسة جو بايدن.
وفي الجانب السياسي أثار حديثه عن استعادة قناة بنما للولايات المتحدة جدلاً حقوقياً واسعاً، مثلما أثارت دعوته إلى حلف الأطلسي بدفع المزيد من الإنفاق على القضايا الدفاعية خوفاً عميقاً بين الأوروبيين، فضلاً عن إصدار أوامره باستبعاد العشرات من الموظفين الاتحاديين واستبدالهم بأصحاب الولاء السياسي، وحتى تصريحاته بالعمل على إنهاء الحروب في العالم كشفت عن نوايا أميركية تخصُّ مفاهيم الهيمنة العالمية، لاسيما في التعاطي مع صراعات الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، فضلاً عن دعوته إلى لقاء الرئيس الروسي بوتين لمناقشة إنهاء الحرب الأوكرانية.
تكشف أوامر اليوم الأول عن توجهات تهدف إلى التلويح بالقوة الاقتصادية والسياسية، وإلى رهانات يقترح ترامب من خلالها سياسة دفع الآخرين للقبول بالإجراءات الأميركية، عبر فرضيات نمط الحياة والثقافة والإدارة والاستهلاك، وحتى في التعاطي مع القضايا الجندرية، وهو ما دفعه لاختيار الممثلين ميل غيبسون وسلفستر ستالون وجون فويت ليكونوا سفراء لإدارته في هوليود، فضلاً عن التلويح بالقوة من خلال رفع الحظر عن أسلحة ستراتيجية للكيان الصهيوني، وهذا ما يدفع سياسة ترامب إلى كثير من التناقض، وإلى ما يجعل نظرته للصراعات والحروب مرهونة بالخضوع إلى سياسات القوة الفائقة الخطورة.